الروم على بعض أعمال حلب فقتلوا ونهبوا وسبوا. وفيها حج بالناس الفضل (1) بن عبد الملك الهاشمي. وفيها توفي من الأعيان:
أبو العباس الناشي الشاعر واسمه عبد الله بن محمد أبو العباس المعتزلي، أصله من الأنبار وأقام بغداد مدة ثم انتقل إلى مصر فمات بها، وكان جيد الذهن يعاكس الشعراء ويرد على المنطقيين والفروضيين، وكان شاعرا مطيقا إلا أنه كان فيه هوس وله قصيدة حسنة في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرناها في السيرة. قال ابن خلكان: كان عالما في عدة علوم من جملتها علم المنطق، وله قصيدة في فنون من العلم على روي واحد تبلغ أربعة آلاف بيت، وله عدة تصانيف وأشعار كثيرة.
عبيد بن محمد بن خلف أبو محمد البزار أحد الفقهاء من أصحاب أبي ثور، وكان عنده فقه أبي ثور، وكان من الثقات النبلاء. نصر بن أحمد بن عبد العزيز أبو محمد الكندي الحافظ المعروف بنصرك، كان أحد حفاظ الحديث المشهورين، وكان الأمير خالد بن أحمد الذهلي نائب بخارى قد ضمه إليه وصنف له المسند. توفي ببخارى في هذه السنة.
ثم دخلت سنة أربع وتسعين ومائتين في المحرم من هذه السنة اعترض زكرويه في أصحابه إلى الحجاج من أهل خراسان وهم قافلون من مكة فقتلهم عن آخرهم وأخذ أموالهم وسبى نساءهم فكان قيمة ما أخذه منهم ألفي ألف دينار، وعدة من قتل عشرين ألف إنسان، وكانت نساء القرامطة يطفن بين القتلى من الحجاج وفي أيديهم الآنية من الماء يزعمن أنهن يسقين الجريح العطشان، فمن كلمهن من الجرحى قتلنه وأجهزن عليه لعنهن الله ولعن أزواجهن.
ذكر مقتل زكرويه لعنه الله لما بلغ الخليفة خبرا الحجيج وما أوقع بهم الخبيث جهز إليه جيشا كثيفا فالتقوا معه فاقتتلوا قتالا شديدا جدا، قتل من القرامطة خلق كثير ولم يبق منهم إلا القليل، وذلك في أول ربيع الأول منها.
وضرب رجل زكرويه بالسيف في رأسه فوصلت الضربة إلى دماغه، وأخذ أسيرا فمات بعد خمسة أيام، فشقوا بطنه وصبروه وحملوه في جماعة من رؤس أصحابه إلى بغداد، واحتوى عسكر الخليفة على ما كان بأيدي القرامطة من الأموال والحواصل، وأمر الخليفة بقتل أصحاب القرمطي، وأن يطاف .