باب الصغير، كان خطيب دمشق في أيام الاخشيد، وكان شابا حسن الوجه مليح الشكل، كامل الخلق. توفي يوم الجمعة السابع والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة، وحضر جنازته نائب السلطنة وخلق كثير لا يحصون كثرة، هكذا أرخه ابن عساكر، ودفن بباب الصغير.
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة فيها كانت فتنة بين الرافضة وأهل السنة قتل فيها خلق كثير، ووقع حريق بباب الطاق، وغرق في دجلة خلق كثير من حجاج الموصل، نحو من ستمائة نفس. وفيها دخلت الروم طرسوس والرها وقتلوا وسبوا، وأخذوا الأموال ورجعوا. وفيها قلت الأمطار وغلت الأسعار واستسقى الناس فلم يسقوا، وظهر جراد عظيم في آذار فأكل ما نبت من الخضراوات، فاشتد الامر جدا على الخلق فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وفيها عاد معز الدولة إلى بغداد من الموصل وزوج ابنته من ابن أخيه مؤيد الدولة بن معز الدولة، وسيرها معه إلى بغداد.
وممن توفي فيها من الأعيان:
إبراهيم بن شيبان القرميسيني شيخ الصوفية بالجبل، صحب أبا عبد الله المغربي. ومن جيد كلامه قوله: إذا سكن الخوف القلب أحرق مواضع الشهوات منه، وطرد عنه الرغبة في الدنيا.
أبو بكر النجاد أحمد بن سليمان بن الحسن بن إسرائيل بن يونس، أبو بكر النجاد الفقيه، أحد أئمة الحنابلة ولد سنة ثلاث وخمسين ومائتين، سمع عبد الله بن أحمد وأبا داود، والباغندي وابن أبي الدنيا وخلقا كثيرا، وكان يطلب الحديث ماشيا حافيا، وقد جمع المسند وصنف في السنن كتابا كبيرا، وكان له بجامع المنصور حلقتان، واحدة للفقه وأخرى لاملاء الحديث، وحدث عنه الدارقطني وابن رزقويه وابن شاهين وأبو بكر بن مالك القطيعي وغيرهم، وكان يصوم الدهر ويفطر كل ليلة على رغيف ويعزل منه لقمة، فإذا كانت ليلة الجمعة أكل اللقم وتصدق بالرغيف صحيحا. توفي ليلة الجمعة لعشرين من ذي الحجة عن خمس وتسعين سنة ودفن قريبا من قبر بشر الحافي رحمه الله.
جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم أبو محمد الخواص المعروف بالخلدي، سمع الكثير وحدث كثيرا، وحج ستين حجة، وكان ثقة صدوقا دينا.