صحيح سماعه بفاسده. وقد تكلم فيه غير واحد من حفاظ زمانه بسبب تخليطه وغفلته واتهمه بعضهم بالكذب أيضا (1).
ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلاثمائة فبها في عاشوراء عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أهل السنة والرافضة، وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه، بعيد عن السداد، وذلك أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسموها عائشة، وتسمى بعضهم بطلحة، وبعضهم بالزبير، وقالوا: نقاتل أصحاب علي، فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلق كثير، وعاث العيارون في البلد فسادا، ونهبت الأموال، ثم أخذ جماعة منهم فقتلوا وصلبوا فسكنت الفتنة. وفيها أخذ بختيار بن معز الدولة الموصل، وزوج ابنته بابن (2) أبي تغلب بن حمدان. وفيها وقعت الفتنة بالبصرة بين الديالم والأتراك، فقويت الديلم على الترك بسبب أن الملك فيهم فقتلوا خلقا كثيرا، وحبسوا رؤوسهم ونهبوا كثيرا من أموالهم. وكتب عز الدولة إلى أهله إني سأكتب إليكم أني قد مت فإذا وصل إليكم الكتاب فأظهروا النوح واجلسوا للعزاء، فإذا جاء سبكتكين للعزاء فاقبضوا عليه فإنه ركن الأتراك ورأسهم، فلما جاء الكتاب إلى بغداد بذلك أظهروا النوح وجلسوا للعزاء ففهم سبكتكين أن هذه مكيدة فلم يقربهم، وتحقق العداوة بينه وبين عز الدولة، وركب من فوره في الأتراك فحاصر دار عز الدولة يومين، ثم أنزل أهله منها ونهب ما فيها وأحدرهم إلى دجلة وإلى واسط منفيين، وكان قد عزم على إرسال الخليفة المطيع معهم، فتوسل إليه الخليفة فعفا عنه وأقره بداره، وقويت شوكته سبكتكين والأتراك ببغداد، ونهبت الأتراك دور الديلم، وخلع سبكتكين على رؤس العامة، لأنهم كانوا معه على الديلم، وقويت السنة على الشيعة وأحرقوا الكرخ - لأنه محل الرافضة - ثانيا، وظهرت السنة على يدي الأتراك، وخلع المطيع وولي ولده على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
خلافة الطائع وخلع المطيع ذكر ابن الأثير أنه لما كان الثالث عشر من ذي القعدة، وقال ابن الجوزي: كان ذلك يوم الثلاثاء التاسع عشر (3) من ذي القعدة من هذه السنة خلع المطيع لله وذلك لفالج أصابه فثقل .