لم يقدر أن ينزله (1). فأمر بإخراجهم ونفيهم عن بغداد، ومن أقام منهم عوقب. فأحرقت دور كثيرة من قراباتهم، واحترق بعض نسائهم وأولادهم، فخرجوا منها في غاية الإهانة، فنزلوا واسط وتغلبوا عليها وأخرجوا عاملها منها، فركب إليهم مؤنس الخادم فأوقع بهم بأسا شديدا، وقتل منهم خلقا كثيرا، فلم يقم لهم بعد ذلك قائمة. وفي ربيع الأول منها عزل الخليفة ناصر الدولة بن حمدان عن الموصل، وولى عليها عميه سعيدا ونصرا ابنا حمدان. وولاه ديار ربيعة: نصيبين وسنجار ورأس العين، ومعها ميافارقين وازرن (2)، ضمن ذلك من الخليفة بمال يحمله إليه في كل سنة. وفي جمادى الأولى منها خرج رجل ببلاد البوازيج يقال له صالح بن محمود، فاجتمع عليه جماعة من بني مالك، ثم سار إلى سنجار فحاصرها فدخلها وأخذ شيئا كثيرا من أموالها، وخطب بها خطبة ووعظ فيها وذكر، فكان في جملة ما قال: نتولى الشيخين، ونتبرأ من الخبيثين (3)، ولا نرى المسح على الخفين.
ثم سار فعاث في الأرض فسادا. فانتدب له نصر بن حمدان فقاتله فأسره ومعه ابنان له. فحمل إلى بغداد فدخلها وقد اشتهر شهرة فظيعة. وخرج آخر (4) ببلاد الموصل فاتبعه ألف رجل، فحاصر أهل نصيبين فخرجوا إليه فاقتتلوا معه، فقتل منهم مائة وأسر ألفا، ثم باعهم نفوسهم وصادر أهلها بأربعمائة ألف درهم، فانتدب إليه ناصر الدولة فقاتله فظفر به وأسره وأرسله إلى بغداد أيضا. وفيها خلع الخليفة على ابنه هارون وركب معه الوزير والجيش، وأعطاه نيابة فارس وكرمان وسجستان ومكران، وخلع على ابنه أبي العباس الراضي وجعله نائب بلاد المغرب ومصر والشام، وجعل مؤنس الخادم يسد عنه أمورها. وحج بالناس فيها عبد السميع بن أيوب بن عبد العزيز الهاشمي (5). وخرج الحجيج بغفارة بدرقة حتى يسلموا في الدرب في الذهاب والإياب من القرامطة.
وفيها توفي من الأعيان..
أحمد بن إسحاق ابن البهلول بن حسان بن أبي سنان أبو جعفر التنوخي القاضي الحنفي، العدل الثقة، الرضي. وكان فقيها نبيلا، سمع الحديث الكثير، وروى عن أبي كريب حديثا واحدا، وكان عالما .