ثم دخلت سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فيها توفي فخر الدولة أبو الحسن علي بن ركن الدولة بن بويه، وأقيم ولده رستم في الملك مكانه، وكان عمره أربع سنين، وقام خواص أبيه بتدبير الملك في الرعايا.
وممن توفي فيها من الأعيان أبو أحمد العسكري اللغوي.
الحسن بن عبد الله ابن سعيد بن أحمد العسكري اللغوي، العلامة في فنه وتصانيفه، المفيدة في اللغة وغيرها، يقال إنه كان يميل إلى الاعتزال، ولما قدم الصاحب بن عباد هو وفخر الدولة البلدة التي كان فيها أبو أحمد العسكري - وكان قد كبر وأسن - بعث إليه الصاحب رقعة فيها هذه الأبيات:
ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم * ضعفنا فما نقوى على الوحدان أتيناكم من بعد أرض نزوركم * فكم من منزل بكر لنا وعوان نناشدكم هل من قرى لنزيلكم * بطول جوار لا يمل جفان تضمنت بنت ابن الرشيد كأنما * تعمد تشبيهي به وعناني أهم بأمر الحزم لا أستطيعه * وقد حيل بين العير والنزوان (1) ثم ركب بغلته تحاملا وصار إلى الصاحب فوجده مشغولا في خيمته بأبهة الوزارة فصعد أكمه ثم نادى بأعلى صوته:
مالي أرى القبة الفيحاء مقفلة * دوني وقد طال ما استفتحت مقفلها كأنها جنة الفردوس معرضة * وليس لي عمل زاك فأدخلها فلما سمع الصاحب صوته ناداه: ادخلها يا أبا أحمد فلك السابقة الأولى، فلما صار إليه أحسن إليه. توفي في يوم التروية منها. قال ابن خلكان: وكانت ولادته يوم الخميس لست عشرة ليلة خلت من شوال سنة ثلاث (2) وتسعين ومائتين، وتوفي يوم الجمعة لسبع خلون من ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
.