جميعا عنده في تلك الليلة لميعاده (قال أبو مخنف) فحدثني فروة بن لقيط الأزدي قال والله إني لمع شبيب بالمدائن إذ حدثنا عن مخرجهم قال لما هممنا بالخروج اجتمعنا إلى صالح بن مسرح ليلة خرج فكان رأيي استعراض الناس لما رأيت من المنكر والعدوان والفساد في الأرض فقمت إليه فقلت يا أمير المؤمنين كيف ترى في السيرة في هؤلاء الظلمة أنقتلهم قبل الدعاء أم ندعوهم قبل القتال وسأخبرك برأيي فيهم قبل أن تخبرني فيهم برأيك أما أنا فأرى أن نقتل كل من لا يرى رأينا قريبا كان أو بعيدا فانا نخرج على قوم غاوين طاغين باغين قد تركوا أمر الله واستحوذ عليهم الشيطان فقال لا بل ندعوهم فلعمري لا يجيبك إلا من يرى رأيك وليقاتلنك من يزرى عليك والدعاء أقطع لحجتهم وأبلغ في الحجة عليهم قال فقلت له فكيف ترى فيمن قاتلنا فظفرنا به ما تقول في دمائهم وأموالهم فقال إن قتلنا وغنمنا فلنا وإن تجاوزنا وعفونا فموسع علينا ولنا قال فأحسن القول وأصاب رحمة الله عليه وعلينا (قال أبو مخنف) فحدثني رجل من بنى محلم أن صالح بن مسرح قال لأصحابه ليلة خرج اتقوا الله عباد الله ولا تعجلوا إلى قتال أحد من الناس إلا أن يكونوا قوما يريدونكم وينصبون لكم فإنكم إنما خرجتم غضبا لله حيث انتهكت محارمه وعصى في الأرض فسفكت الدماء بغير حلها وأخذت الأموال بغير حقها فلا تعيبوا على قوم أعمالا ثم تعملوا بها فان كل ما أنتم عاملون أنتم عنه مسؤلون وإن عظمكم رجالة وهذه دواب لمحمد بن مروان في هذا الرستاق فابدؤا بها فشدوا عليها فاحملوا أرجلكم وتقووا بها على عدوكم فخرجوا فأخذوا تلك الليلة الدواب فحملوا رجالتهم عليها وصارت رجالتها فرسانا وأقاموا بأرض دارا ثلاث عشرة ليلة وتحصن منهم أهل دارا وأهل نصيبين وأهل سنجار وخرج صالح ليلة خرج في مائة وعشرين وقيل في مائة وعشرة قال وبلغ مخرجهم محمد بن مروان وهو يومئذ أمير الجزيرة فاستخف بأمرهم وبعث إليهم عدى بن عدي بن عميرة من بنى الحارث بن معاوية بن ثور في خمسمائة فقال له أصلح الله الأمير أتبعثني إلى رأس الخوارج منذ عشرين سنة قد خرج معه رجال من ربيعة قد سموا لي
(٥٣)