الله والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة وكثرة ذكر الموت وفراق الفاسقين وحب المؤمنين فإن الزهادة في الدنيا ترغب العبد فيما عند الله وتفرغ بدنه لطاعة الله وإن كثرة ذكر الموت يخيف العبد من ربه حتى يجأره إليه ويستكين له وإن فراق الفاسقين حق على المؤمنين قال الله في كتابه (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) وإن حب المؤمنين للسبب الذي ينال به كرامة الله ورحمته وجنته جعلنا الله وإياكم من الصادقين الصابرين ألا إن من نعمة الله على المؤمنين أن بعث فيهم رسولا من أنفسهم فعلمهم الكتاب والحكمة وزكاهم وطهرهم ووفقهم في دينهم وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما حتى قبضه الله صلوات الله عليه ثم ولى الامر من بعده التقى الصديق على الرضا من المسلمين فاقتدى بهديه واستن بسنته حتى لحق بالله رحمه الله واستخلف عمر فولاه الله أمر هذه الرعية فعمل بكتاب الله وأحيا سنة رسول الله ولم يحنق في الحق على جرته ولم يخف في الله لومة لائم حتى لحق به رحمة الله عليه وولى المسلمين من بعده عثمان فاستأثر بالفئ وعطل الحدود وجار في الحكم واستذل المؤمن وعزز المجرم فسار إليه المسلمون فقتلوه فبرئ الله منه ورسوله وصالح المؤمنين وولى أمر الناس من بعده علي بن أبي طالب فلم ينشب أن حكم في أمر الله الرجال وشك في أهل الضلال وركن وأدهن فنحن من على وأشياعه برآء فتيسروا رحمكم الله لجهاد هذه الأحزاب المتحزبة وأئمة الضلال الظلمة وللخروج من دار الفناء إلى دار البقاء واللحاق باخواننا المؤمنين الموقنين الذين باعوا الدنيا بالآخرة وأنفقوا أموالهم التماس رضوان الله في العاقبة ولا تجزعوا من القتل في الله فإن القتل أيسر من الموت والموت نازل بكم غير ما ترجم الظنون فمفرق بينكم وبين آبائكم وأبنائكم وحلائلكم ودنياكم وإن اشتد لذلك كرهكم وجزعكم ألا فبيعوا الله أنفسكم طائعين وأموالكم تدخلوا الجنة آمنين وتعانقوا الحور العين جعلنا الله وإياكم من الشاكرين الذاكرين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون (قال أبو مخنف) فحدثني عبد الله بن علقمة قال بينا أصحاب صالح يختلفون إليه إذ قال لهم
(٥١)