والشهيد والمحقق الثاني وغيرهم والظاهر أن ذلك منهم فيه، للأصل والعمومات مع فقد المانع من نص واجماع، لاختصاصهما بالمنع عن القرض بشرط النفع وليس الانقاد في بلد آخر منه، ولعل ما نحن فيه كذلك، إذ ليس هو الاشتراط موضع خاص من مواضع التسليم غير ما انصرف إليه العقد، وحينئذ فيكون ما ورد من الصحيح (1) (في الرجل يسلف الرجل الورق على من ينقدها بأرض أخرى، ويشترط عليه ذلك، قال لا بأس) ونحوه الخبر مؤكدا لما عرفته من القاعدة.
لكن في التحرير (يجوزان يعطى عشرة دراهم أو دنانير ويشترط عليه أن ينقدها إياه بأرض أخرى مثلها في العدد والوزن من غير تفاضل قرضا لا بيعا) وظاهره الفرق بين القرض والبيع في ذلك، وفيه نظر إن لم يرد من جهة الصرفية.
نعم لو اشترط عليه حمل المبيع مثلا إلى بلد آخر تحقق الربا، لا ما إذا كان كليا واشتراط خصوص موضع للتسليم، بل قد يظهر من خبر محمد الحلبي (2) جواز اشتراط بيع الربوي بمثله في عقد ربوي آخر، قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يستبدل الكوفية بالشامية وزنا بوزن، فيقول الصيرفي لا أبدل لك حتى تبدل لي يوسفية (ببغلية) (3) وزنا بوزن فقال لا بأس به، فقلنا له: أن الصيرفي يطلب فضل اليوسفية على (البغلية) (4) فقال: لا بأس به: فتأمل جيدا.
وكيف كان فلا ريب في أن ما نحن فيه ليس شيئا من ذلك، بل متى اشترطه أو نظيره من باقي الأعمال تحقق الربا، فانحصر الطريق حينئذ في الخروج عن ذلك بالخبر المزبور