في التحرير ومحكي التلخيص، بل قيل إنه ظاهره في التذكرة، وأما ابن إدريس فإنه بعد أن ذكر ما في النهاية وجه الفتوى بذلك أن الربا هو الزيادة في العين إذا كان الجنس واحدا، وهنا لا زيادة في العين، ويكون ذلك على وجه الصلح في العمل، فهذا وجه الاعتذار له إذا سلم العمل به، ويمكن أن يحتج لصحته بقول تعالى (1) (أحل الله البيع وحرم الربا) وهذا بيع، والربا المنهي عنه غير موجود، لا حقيقة لغوية ولا شرعية ولا عرفية.
وفيه ما قد عرفت سابقا من تحقق الربا بمطلق الزيادة في المتجانسين، ضروة عدم صدق المثل بالمثل معها، وفي صحيح عبد الرحمان (2) إن الناس لم يختلفوا في النسئ أنه الربا، كما في خبره الآخر (3) (جاء الربا قبل الشروط، وإنما تفسده الشروط) بل يمكن دعوى اتفاق الأصحاب على ذلك، لا يقال إذا كان وصف الخاتمية مثلا لا يتحقق به الربا، ولذا جاز بيعه بمثله فضة غير خاتم، فاشتراطها غير قادح أيضا، لأنا نقول إن الشرط هنا العمل وهو صياغتها خاتما لا وصف الخاتمية، ولا ريب في تحقق الربا بمثله.
نعم لو كان الشرط مثلا بيعه بفضة مصوغة خاتما، أمكن عدم تحقق الربا، لعدم اشتراط العمل، فهو كبيعه الفضة بالفضة من الدراهم مثلا، أو بفضة من جنس المصوغ على وجه خاص، ونحو ذلك بما هو أفراد للمبيع، وبالوصف والشرط يتعين بعض أفرادها، و مثله لا يتحقق به الربا قطعا، إذ ليس مطلق الاشتراط في أحد العوضين يتحقق به ذلك، و لعل من ذلك اشتراط الخيار لأحدهما، فإنه لا يتحقق به الربا أيضا إذ أقصاه صيرورة البيع بالنسبة إلى أحدهما جايزا، بل قد يقال بعدم تحقق الربا باشتراط غير موضع العقد للتسليم، نحو ما قيل في الفرض، بل لا أجد خلافا فيه بين من تعرض لذلك، كالفاضلين