الصرف باعتبار كونه نقدا في ذمة المستحق عليه ودفعه عنه شراء له من المستحق وجب اعتبار التقابض فيه حتى في غير الصرف، وهو معلوم العدم، ودعوى اختصاص ذلك في المعاملة الصرفية لا شاهد لها ولو أعطيت التأمل حقه في المقام بأن لك أن كثيرا من - الكلام دخان بلا ضرام وسفسطة بلا حاصل، ومتعبة بلا طائل، ولعل مرجع ما ذكره المحقق الثاني إلى ما قلناه فلاحظ وتأمل هذا.
ولكن في القواعد في المقام (أن له الأرش ما داما في المجلس فإن فارقاه فإن أخذ الأرش من جنس السليم بطل فيه، وإن كان مخالفا صح) وفيه أنه لا فرق في الصرف بين جنس المعيب و السليم، فإما أن يبطل فيهما معا، أو يصح كذلك، إذ ما قيل من أنه لو دفع من جنس السليم كما لو كان العوضان دينار أو عشرة دراهم وكان الدينار معيبا من الجنس بما يقتضي نقصان قيمته بقدر درهم فإن المبيع يكون دينار أو درهما بعشرة دراهم، وقد تفرقا قبل قبض الدراهم فيبطل الصرف فيه، بعينه آت فيما لو دفع ذهبا قيمته درهم، فإنه قد تفرقا قبل قبضه، فيجب أن يبطل كالسليم، بخلاف ما لو دفع من غيرهما، وقد يريد كما حكاه الشهيد عن بعض تلامذة العلامة ما كان مخالفا لجنسي المعيب والصحيح معا، فالمراد حينئذ بجنس السليم مطلق النقد فيوافق ما حكيناه عنه في التحرير.
نعم ربما ظهر من العبارة المزبورة عدم انحصار الأرش في النقد، وأنه كلي شامل له ولغيره، وتعذر بعض أفراده بالتفرق، يعين الآخر وهو النقد أو أنه النقد إذا أمكن، فإن تعذر فغيره، وفيه منع واضح لما عرفت من انصراف جميع الحقوق المالية إلى النقد، كما أن ظاهر قوله بطل فيه أنه لا يجوز دفع الأرش بعد ذلك، ويشكل بأنه إذا استحق في ذمته عوض نقصان أحد العوضين، كيف يبطل فيما لو عينه فيما لا يجوز أخذه، وتخييره في جهات القضاء إنما هو فيما لم يمنع شرعا، بل في جامع المقاصد لو سلم تخييره بالنسبة إليها لم يلزم البطلان، بل عدم جواز المطالبة بغيرها حتى لو تراضيا على الأداء من غير النقدين بعد التعيين في أحدهما ينبغي القول بالجواز فتأمل جيدا والله أعلم.
المسألة (الثالثة: إذا اشترى دراهم في الذمة بمثلها، ووجد جميع ما صار إليه غير فضة قبل