يعرفون ذلك، فقال: إذا كانوا يعرفون ذلك فلا بأس يجعلون معه العرض أحب إلي).
وتذكير ضمير معه وإن كان كتذكير الضمير في نبيعه المعلوم إرادة المحلي منه، و لكن قد يشهد لرجوعه إلى النقد أو إلى الثمن المفهوم من المقام، بل لو أنث أمكن رجوعه إلى الدراهم لا السيوف، بل قد يشهد لذلك أيضا قول السائل فقلت إلى آخره، ضرورة ظهوره في أن السائل قد فهم إرادة العروض مع الدراهم، فسأله عن الاحتياج إليه مع فرض كثرة الدراهم، فأجابه عليه السلام أنه لا سبيل غالبا إلى معرفة ذلك، فقال له: إنهم يزعمون المعرفة فقال له: لا بأس على هذا الفرض، إلا أنه ومع ذلك (فالعروض أحب) لعدم كون المعرفة على جهة اليقين من المتعاملين، وأمر الربا شديد ينبغي شدة الاحتياط في التحرز، على أن الموجود فيما حضرني من نسخ التهذيب والكافي المعتمدة، وألا يجعلون إلى آخره، على معنى أنهم إن لم يعرفوا ذلك يجعلون، ويكون المراد من قوله أحب حينئذ الوجوب، نحو ما سمعته في صدره.
وعلى كل حال فقد اتضح المراد بالخبر ويمكن حمل عبارة الشيخ عليه، وإلا كان سهوا من قلمه الشريف، كما أن ما في ظاهر الارشاد من تعين البيع بغير الجنس مع الجهل، بل والقواعد يجب حمله على ما هو الغالب من عدم القطع بالزيادة.
ثم إن ظاهر الخبر المزبوران منع النسيئة في بيع الأثمان بعضها ببعض من جهة الربا ولو مع اختلاف الجنس، والمعروف أن المنع في الأخير لاعتبار التقابض في الصرف، اللهم إلا أن يكون اعتباره من جهة لزوم الربا غالبا على تقدير عدمه في أحدهما على وجه النسيئة، كما هو صريح بعض العبارات المحكية عن المبسوط، ولا بعد فيه، إذ غايته تحقق الربا في الأثمان بذلك مضافا إلى التفاضل في الجنس، والأمر سهل، إلا أن قوله وإنما اختلفوا إلى آخره، ظاهر في وقوع الخلاف باعتبار التقابض فيه، لأن المراد به اختلافهم في اعتباره فيه وعدمه بعد اتفاقهم على منع النسيئة، مع أنه لم نعرف خلافا في