نهايته خبر واحد لا يصلح ولا يجوز العمل به، لأنه مخالف لما عليه الأمة بأسرها، مناف لأصول مذهب أصحابنا وفتاواهم وتصانيفهم وإجماعهم لأن المبيع إذا كان مجهولا كان البيع باطلا بغير خلاف، وقوله يقبض نصف الثمن، ويكون العبد الآبق بينهما، ويرد الباقي من العبدين، فيه اضطراب كثير وخلل كبير، لأنه إن كان الآبق الذي وقع عليه البيع فهو من مال مشتريه، والثمن بكماله لبايعه، وإن كان الآبق غير من وقع عليه البيع فالباقي الذي وقع عليه البيع، فلأي شئ يرده، وإنما أورد شيخنا هذا الخبر على ما جاء إيرادا لا اعتقادا، لأنه رجع عنه في مسائل خلافه، في كتاب السلم وهو جيد وإن كان قد يوهم ظاهره عدم جواز بيعه كليا موصوفا بصفات ترفع الجهالة، وهو واضح المنع.
ولعله إليه أو غيره أشار في اللمعة بقوله (ويجوز شراء العبد موصوفا سلما، و الأقرب جوازه حالا، إلا أن ظاهره كون غير الأقرب التفصيل بين السلم وغيره، وهو أوضح من الأول فسادا لتساويهما في المعنى المصحح للبيع، وعلى كل حال فما أبعد هذا القول من القول بجواز بيع أحد العبدين مطلقا، كما عساه يظهر في باب البيع من الخلاف ناسبا له إلى رواية الأصحاب وإجماعهم، أو بشرط تساويهما من كل وجه حتى يكون كالصاع من الصبرة، كما سمعته من الفاضل في المختلف، وإن كان هو في غاية الضعف، بل الشيخ كما قيل قد رجع عنه في باب السلم فقال (إذا قال اشتريت منك أحد هذين العبدين بكذا، أو أحد هذه العبيد الثلاثة بكذا لم يصح الشراء وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة إذا شرط فيه الخيار ثلاثة أيام جاز لأن هذا غرر يسير، وأما في الأربعة فما زاد عليها فلا يجوز، دليلنا أن هذا بيع مجهول فلا يجب أن يصح بيعه