إنما البحث فيها في خصوص الذهاب أو هو والمقصد، وأما الثالثة فالظاهر أنه لا خلاف في وجوب القصر فيها مطلقا، فإن الباحثين عنها والمتعرضين لها اتفقوا على ذلك من دون نقل خلاف ولا إشكال، بل اعترف بعضهم بظهور الاتفاق عليها، وإنما ذكروا الخلاف في مبدأ التقصير فيها وأنه مجرد الخروج عن محل الإقامة أو التجاوز عن محل الترخص كما تقدم البحث فيه سابقا، نعم ينبغي تقييد القصر بما إذا كان مسافة ولم يعزم على نية الإقامة فيها دونها.
وأما الصورة الرابعة فكلام القدماء ومن تبعهم من المتأخرين بالنسبة إليها لا يخلو من احتمال ولا يصفو عن إجمال، فإن قولهم في الفرع السابق الذي أطلنا الكلام فيه لا يريد مقام عشرة أيام يحتمل أن يكون المراد منه عدم البناء والعزم على العشرة مطلقا، ومرجعه إلى عدم القطع بها المتحقق بإرادة النقيض أي الأقل من عشرة، أو العبور والمرور بمحل الإقامة، وبحصول التردد في الإقامة بل والذهول عنها أيضا، فإن عدم إرادة الإقامة أعم من إرادة عدم الإقامة بمقتضى اللغة، وحينئذ يستفاد من كلامهم وجوب القصر في هذه الصورة كما في الصورة الثانية حتى بالنسبة إلى الخلاف المتقدم فيها، ومن هنا حكي عن الغرية وإرشاد الجعفرية الحكم بالقصر في العود في خصوص هذه الصورة كما هو مختارهما في تلك الصورة، وعن فوائد الشرائع وحاشية الإرشاد أنه الأقوى، ويحتمل أن يكون المراد منه خصوص الأمر الأول أي العزم على عدم الإقامة وإرادته دون الأعم منه ومن التردد والذهول، لأن المتفاهم عرفا من عدم إرادة الإقامة البناء على عدمها خاصة، وإن كان بحسب اللغة أعم من ذلك.
وعلى هذا فلا يظهر من كلامهم حكم هذه الصورة إلا من تعرض لها بالخصوص كمن عرفت، وكجامع المقاصد والجعفرية، فإنهما قالا فيما حكي عنهما: إن فيها وجهين، وكالمدارك والذخيرة وعن المصابيح، فقالوا: إن الحكم فيها التمام، ولعله لا يخلو من