يقال إنه مسافر إلى ذلك البلد إلا أن له شغلا في موضع منها فيقضي شغله ثم يرجع إلى بلد الإقامة، فحينئذ يكون مقصرا بمجرد الخروج إلى محل الترخص مع نية العود - ثم قال -: وبالجملة الحكم تابع لقصده، فإن صدق عليه عرفا أنه مسافر وتحققت شرائط القصر قصر وإلا أتم - إلى أن قال -: وليس هذا بخارج عن القوانين ولاعن إجماعهم الذي نقل على وجوب القصر حين العود، لاحتمال كلامهم ذلك، فإنه مجمل غير مفصل - ثم قال بعد ذلك - إنهم قالوا: لا بد للقصر بعد الإقامة من قصد مسافة أخرى ومن الخروج إلى محل الترخص بقصد تلك المسافة بحيث يكون هذا الخروج جزء من ذلك السفر، ومعلوم عدم تحقق ذلك فيما نحن فيه).
وإن كان في كلامه نظر أيضا من وجوه تعرف مما تقدم، وأعظمها دعواه الاجمال في كلمات الأصحاب، وتنزيله الاجماع المزبور على تلك الصورة المزبورة خاصة مع أنه لم يستقر عليها حتى قال ما سمعته أخيرا مما نسبه إلى الأصحاب من اعتبارهم كون هذا الخروج جزء من ذلك السفر الذي هو واضح المنع إن أراد الجميع، خصوصا بعد مراعاة كلامهم في المقام كوضوح المنع فيما يحكي عن بعض من تقدم على الشهيد الثاني حيث زعم التناقض في كلمات المقام بين من أطلق القصر فيه وبين ما تقدم لهم من أن ناوي الإقامة لا يعود إلى القصر بعد أن صلى تماما إلا إذا خرج قاصدا للمسافة، فأجاب بحمل كلامهم هنا على ما إذا خرج قبل الصلاة تماما، بل هو من الغرائب التي لا يعذر العالم في وقوع أمثالها منه، وكيف والمقطوع به من كلمات الأصحاب هنا إرادة خروج من كان فرضه التمام إلى ما دون المسافة، وإن لم ينص عليه بعضهم ممن هو معتبر له، كما لو ينص على بعض الأمور الأخر اعتمادا على كون الناظر من أهل النظر، وإلا فما ذكره يرجع إلى القصر من غير حاجة للخروج إلى ما دون المسافة، بل وكذا ما ذكره الشهيد أيضا نفسه من التفصيل، وحاصله الفرق بين ما يكون العود مما هو دون المسافة