المنساق منها إرادة شدة السير لهم والعنف فيه، أو بأن يجعلوا المنزلين منزلا كما نص عليه في الكافي بعد المرسل السابق.
فيجب حينئذ طرحها، لعدم ظهور عامل بها من الطائفة عدا ما يظهر من الشيخ في التهذيب والاستبصار من العمل به على الثاني محتجا له بعد ما حكاه عن الكليني أيضا بمرفوع محمد بن عمران الأشعري (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) (الجمال والمكاري إذا جد بهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين، ويتما في المنزل) وربما مال إليه أو إلى ما يقرب منه سيد المدارك والمقدس البغدادي، ولعله لأنه مقتضى الجمع بين الاطلاق والتقيد، ولما يلاقونه في الفرض من شدة الجهد والتعب المناسبين لشرعية القصر، ولانصراف تلك الاطلاقات إلى السير المتعارف.
لكن لا يخفى عليك أنه لا شهادة في الخبر المزبور على ذلك، بل أقصاه مساواته للنصوص السابقة في المضمون، فإما أن تطرح جميعا لقصورها بسبب الاعراض عن تقييد تلك الاطلاقات الممنوع انصرافها إلى غيره، أو تحمل على ما ذكرناه أولا من إنشائهم السفر الذي لا يدخل في عملهم وصنعتهم عرفا بتقريب إرادة اتصال السفر كسفر الحج ونحوه من الجد فيها كما عن الذكرى وإن كان بعيدا جدا، بل في الرياض التأمل، في المحمول عليه نفسه، قال: (لعدم دليل صالح عليه إلا بعض التلويحات والاشعارات المستخرجة من جملة من المعتبرة المعللة وجوب التمام على كثير السفر بأنه عمله وأن بيته معه، وبعض الصحاح الذي لم أفهم دلالته، وفي الاعتماد عليها بمجردها إشكال يصعب معه الخروج عن مقتضى الأدلة العامة، والاحتياط مما لا ينبغي تركه في المسألة) وهو عجيب، إذ ليس دليل أعظم من قصور أدلة كثير السفر عن تناوله، فيبقى حينئذ