المسافة إلى الاتمام في المسألة الآتية إما مطلقا أو في الذهاب والمقصد دون الإياب ومحل الإقامة، لظنه أن ابتداء سفره يكون من المقصد، ومروره بمحل الإقامة لا يصلح للقطع حال عدم نية الإقامة، فلا يشتبه عليك الحال في موضوع المسألتين كي يشكل عليك الجمع بين اتفاقهم ظاهرا هنا على ما ذكرناه من الشرط المزبور ولم يحك الخلاف فيه إلا عن الفخر في بعض الحواشي - بل صرح غير واحد بأنه لا ينبغي التعويل على هذه النسبة، لعدم ثبوتها - وبين المعركة العظمى في المسألة الآتية التي قد عرفت أن موضوعها من اتصف بوصف الإقامة والعزم عليها ثم بدا له الخروج إلى ما دون المسافة، لا أنه كان ذلك من عزمه في ابتداء النية، فإنه لم يخالف أحد في عدم اعتبار مثل هذه الإقامة إلا ما سمعته من تلك النسبة إلى الفخر والكاشاني والأستاذ الأكبر فيما حكي عنهما، ولا ريب في ضعفه، لعدم صدق الإقامة في البلد على مثله عرفا قطعا، وعدم ثبوت مشروعية نية الإقامة في البلد وما دون المسافة، ولذا صرح في المحكي عن المنتهى بأنه لو عزم على إقامة طويلة في رستاق منه من قرية إلى قرية ولم يعزم على الإقامة في واحدة منها لم يبطل حكم سفره، إلى آخره، ودعوى تناول الاطلاقات لمثل ذلك واضحة المنع، ضرورة انسياق غير ذلك منها إلى الذهن إن لم تكن صريحة فيه، واستصحاب القصر محكم.
نعم قد يقال بتناولها للبلاد الخارقة للمعتاد في الاتساع، وإن له نية الإقامة فيها جميعها، فله التردد حينئذ في جميع جوانبها، ولا يتعين عليه نيتها في محلة منها كما صرح به بعضهم، وتشهد له السيرة، بل قد يظهر من المحدث البحراني وغيره كونه من المسلمات حيث أورده على حكمهم بابتداء السفر فيها بالمحلة، ومراعاة محل الترخص بالنسبة إليها ذهابا وإيابا لا إلى البلد لكن لا يخفى أنه لازم لهم، ولعلهم يلتزمون بتعين نية الإقامة أيضا في المحلة كما صرح به بعض مشايخنا وإن كان واضح البطلان، لاطلاق الأدلة، بل قد يقال بعدم تعين نية الإقامة في المحلة فيما فرضناه سابقا من البلاد المنفصلة المحاليل