لكنك خبير بقصور سند الخبر المذكور عن إثبات الحكم المطور، خصوصا بعد ما عرفت أنه لم يذهب إليه أحد هنا سوى من سمعت، وببناء الاستدلال به على منع كون عرفات على أربعة فراسخ من مكة أو على عدم لزوم التقصير في الخروج لعرفات لكون المسافة ثمانية أو أربعة مع الرجوع ليومه، فيتم حينئذ دلالته على ذلك، أما على ما سمعته سابقا من كون المسافة أربعة مع قصد الرجوع ولو لغير يومه فلا يتجه الاستدلال به، بل يجب حينئذ طرحه أو جعل ذلك من خواص مكة أو تأويله على التقادير الثلاثة المقدمة، إذ من الواضح منافاته لنية الإقامة على كل حال، وكذا لو قلنا بالتخيير بين القصر والاتمام مع عدم قصد الرجوع ليومه كما هو المشهور بين المتقدمين، إذ القائل المزبور كلامه مختص بمجامعة نية الإقامة لقصد الخروج عما دون المسافة خاصة، أما المسافة فلا ريب في منافاته لنية الإقامة، اللهم إلا أن يفرق بين المسافة الموجبة للقصر وبين المخيرة، ويخص المنافاة بالأولى دون الثانية، فيجعلها كدون المسافة في ذلك كما احتمله بعضهم بالنسبة إلى بطلان حكم الإقامة، بل عن الأستاذ الأكبر أنه بباله عن بعض مشائخه أنه حكى ذلك عن العلامة، فلا يرجع المقيم حينئذ إلى التقصير لو بدا له الخروج إلى المسافة التخييرية ثم عاد إلى محل الإقامة ومنه ينقدح احتماله حينئذ فيما نحن فيه أيضا من عدم منافاة ذلك لو أخذه في النية، ضرورة مساواته حينئذ لما دون المسافة، لكنه كما ترى كلام قشري وحديث سوفسطائي.
وأما صحيح زرارة (1) عن الصادق (عليه السلام) (من قدم قبل التروية بعشرة وجب عليه إتمام الصلاة، وهو بمنزلة أهل مكة، فإذا خرج إلى منى وجب