المسافة، فإنه حينئذ من المسألة التي وعدناك بها، ودليل القائل بالتمام في الذهاب والإياب والمقصد ومحل الإقامة ما سمعته من الدليل وغيره، كما أن دليل القائل بالقصر فيها مطلقا أو في الإياب ومحل الإقامة خاصة إذا لم يكن من عزمه الإقامة فيه بعد أنه قصد حينئذ مسافة وإن تخلل في أثنائها المرور بمحل الإقامة، فلا ينافيه حينئذ اتفاقهم على عدم قطع حكم الإقامة إلا بقصد مسافة جديدة، وستسمع تمام البحث فيها عند تعرض المصنف لها.
فقول المستدل هنا أن محل الإقامة كالمنزل والوطن إن أراد به أنه كذلك وإن كان في ابتداء نيته التردد فيما دون المسافة كان مصادرة محضة، ضرورة أنه فرع صحة إقامته، والكلام فيها، وإن أراد أنه إذا لم يكن ذلك من نيته ابتداء إلا أنه قد بدا له الخروج فهو خروج عن محل النزاع كما عرفت، بل الظاهر أنه كذلك حتى لو بدا له بعد النية قبل الصلاة تماما، لعدم ظهور أثر تلك النية الذي يظهر من النصوص اعتباره في حصول أحكامها، ولذا لو رجع إلى قصد السفر في هذا الحال عاد إلى التقصير، فكذا لو أدخل في نيته التردد فيما دون المسافة قبل الصلاة تماما عاد إلى التقصير بناء على ما قلناه من عدم صحة ذلك لو كان في الابتداء.
نعم الأولى في الاستدلال للمذهب المزبور بخبر محمد بن إبراهيم الحصيني (1) قال: (استأمرت أبا جعفر (عليه السلام) في الاتمام والتقصير، قال: إذا دخلت الحرمين فانو عشرة أيام وأتم الصلاة، فقلت له إني أقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة قال: انو مقام عشرة أيام وأتم الصلاة) ضرورة عدم تصور النية منه بعد لزوم الخروج عليه لعرفات للحج قبل مضي العشرة إلا على المذهب المزبور من عدم قدح ذلك في النية.