ولعل الله قد جعل مصالح كامنة في الأشياء تختلف باختلاف العباد كما جعل في المآكل والمشارب والعقاقير ونحوها خواص كذلك تختلف باختلاف الأمزجة، ومن كشف الله بصيرته وعلم حسن سيرته وكان هو المؤيد والمسدد له والهادي يوفقه لما يحبه ويرضاه له، قال الله تعالى (1): (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) إلا أنه على كل حال ليست النافلة في الاهتمام بالنسبة إلى المسجد كالفريضة في سائر الأحوال أو أكثرها قطعا، خصوصا مثل نافلة الليل والصلوات الأخر التي تفعل فيه.
وهل المراد بالمسجد في الفتاوى ما يشمل مثل الحضرات المشرفة ونحوها مما هي أيضا كالمساجد في عدم السر والخفاء أو خصوص المساجد المتعارفة، وبالمنزل خصوص المسكن أو ما يشمل كل موضع فيه ستر وخفاء؟ ظاهر اللفظ الثاني في الأول والأول في الثاني، لكن يحتمل التعميم، والأولى مراعاة الميزان التي أشرنا إليها سابقا.
وكيف كان فأفضلية المكتوبة في المساجد إنما هي للرجال دون النساء وإن أطلق بعض الأصحاب، بل ربما كان هو مقتضى أصالة الاشتراك في الأحكام، لكن لا نعرف خلافا بينهم، بل ظاهرهم الاتفاق عليه في أفضلية صلاتها في المنزل من صلاتها فيها رعاية للستر المطلوب منهن، وحذرا عن الافتتان بهن، والفتنة بسببهن لو خرجن إليها مجتمعة مع الرجال، وعن توصلهن إلى كثير من القبائح التي هن مظنتها باعتبار نقص عقولهن وغلبة شهواتهن، مضاف إلى قول الصادق (عليه السلام) في خبر يونس ابن ظبيان (2) (خير مساجد نسائكم البيوت) بل عنه (عليه السلام) (3) أيضا (أن صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار)