الشهيد في الذكرى بتقييد استحباب النقل إلى المشاهد بالقرب وعدم خوف الهتك، كما أنه صرح بتقييده أيضا بما لم يخش فساده ابن إدريس والمحقق الثاني وعن الشهيد الثاني واستجوده في الحدائق.
وأما الأولوية المذكورة فبعد تسليمها إنما تثمر لو قلنا بذلك، وستعرف الكلام فيه إن شاء الله.
وأما إطلاق الأدلة فهو وإن كان كذلك لا يعارضها أوامر التعجيل بعد حملها على الاستحباب، إلا أنه لا يكاد يخفى على الممارس لكلمات الأصحاب في مقامات وأخبار الباب ظهور الاتفاق منهم على تقييد تلك المطلقات بما إذا لم يؤد التعطيل فيه إلى ظهور رائحته وانتهاك حرمته، بل لم يسوغوا على الظاهر الانتظار به بحيث يصل إلى بعض هذا للكفن والغسل والكافور ونحوها، فأوجبوا دفنه بدونها، بل وكذا الدفن في الأرض على ما صرح به بعضهم هناك، فيلقى في الماء، إلى غير ذلك، فالمراد بمقابل التعجيل المحكوم بجوازه وعدم استحبابه إنما هو غير المؤدي إلى ذلك.
واحتمال القول بأن المعلوم من تقييد تلك المطلقات إنما هو إذا فسد بدون النقل إلى تلك الأراضي المشرفة، وأما فيها فلا تعسف وتهجم - يدفعه التأمل والتتبع لكلمات الأصحاب وأخبار الباب، بل قد يقال قويا: إن الاطلاقات قد تشهد للمطلوب باعتبار ظهور كون المراد منها والمطلوب استمرار الدفن ودوامه في سائر الأوقات، إذ ليست هي كالأمر بالضرب ونحوه مما يحصل الامتثال بايجاد الطبيعة قطعا، ومن هنا يجب دفنه لو اتفق ظهوره، وهكذا. فحينئذ يكون المأمور به الدفن والتغطية من وقت حصول الموت إلى حد خروج الميت عن حاله وصيرورته ترابا وشبهه. نعم أقصى ما هناك خروج أن يقطع بعدم شمول لمثل ما نحن فيه، لا أقل من الشك، فيبقى ما ذكرناه سالما، فتأمل جيدا فإنه دقيق نافع، ومع ذلك كله فبين إطلاق استحباب النقل وحرمة الهتك والمثلة