الأصحاب استحباب النقل إلى المشاهد، بل عن الفاضل الميسي صرح بعدم الفرق بين القرب إليها والبعد مع إطلاق الأدلة في الدفن، لحمل ما دل على التعجيل على الاستحباب.
وفيه أن الأصل مقطوع بما دل على وجوب احترام المسلم وأن حرمته ميتا كحرمته حيا، وأن الأصل في حكمة الدفن إنما هو ستر مثل هذه الأمور منه مراعاة لحرمته، ودعوى أن مثل ذلك بهذا العنوان لا يعد هتكا ممنوعة، والحكم فيه العرف، وبه يفرق بين الحي والميت، سيما مع عدم علمنا بوجود مصلحة في نقله تقابل هذه المفسدة المحققة وغيرها مما يعلمه الله دوننا حتى يضمحل هذا الهتك في جانبها، إذ لا يوزن ذلك إلا علام الغيوب ومن أودعهم أسراره وحكمته، ولم نقف على ما يدل على خصوص ذلك منهم، بل لعل ترك السلف الماضين له من الصحابة والتابعين وغيرهم مع محافظتهم وشدة اعتناء الأئمة (عليهم السلام) ببيان ما هو أقل من ذلك كاد يشرف الفقيه على القطع بعدم مشروعيته.
وأما خبر اليماني فهو - مع أنه فعل غير معصوم وعدم ظهور الرضا من أمير المؤمنين (عليه السلام) به، ولم يعلم كونه في الحال المتنازع فيه - لا يجوز التمسك به في إثبات مثل هذا الحكم مع عدم الجابر والعاضد له.
وأما دعوى القطع العقلي بالرجحان المذكور فهي في حيز المنع عند تروي العقل ومعرفته بقصوره عن إدارك أحوال ذلك العالم من مصالحه ومفاسده.
وأما إطلاق الأصحاب ففيه مع انصرافه إلى غير ذلك قطعا لا إطلاق في مثل قول المصنف ونحوه: " ويكره النقل إلا إلى المشاهد " إذ هو استثناء من النقل الجائز على كراهة، فلا شمول فيه لما لو كان النقل محرما، إذ لا ريب في حرمته مثل هذا النقل لو كان لغير المشاهد، فتأمل جيدا.
وتصريح الفاضل الميسي بعدم الفرق المذكور لا يستلزم ما نحن فيه مع أنه صرح