وظاهر الشهيد والمحقق الثاني، بل في المدارك أنه مذهب الأكثر بشهادة الاعتبار من حيث غيبوبة شخص المتوفى وانقطاع العلقة في ذلك الوقت مع اشتغالهم قبل الدفن بتجهيزه، ولقول الصادق (عليه السلام) في مرسل ابن أبي عمير (1): " التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن " وفي مرسل خالد الآخر (2) وغيره عنه (عليه السلام) (3) أيضا " التعزية الواجبة بعد الدفن " وقول الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار (4):
" ليس التعزية إلا عند القبر، ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت " مع أنه لا صراحة فيه بل ولا ظهور بما قبل الدفن، بل لعله فيما بعده أظهر، فيحمل حينئذ على تفاوت مراتب الفضل فيما بعده، فأفضله عند القبر لاشتداد الحاجة إليها في ذلك الوقت - محمول على ضرب من التأويل، منه ما ذكره في الذكرى من الحمل على تعزية خاصة، كأقل التعزية كما قال (عليه السلام) (5): " كفاك من التعزية أن يراك صاحب المصيبة " فيكون المراد حينئذ أنه لا تحتاج هذه التعزية إلى اجتماع آخر غير الاجتماع الأول، بل ينبغي حينئذ الانصراف ولا يقيموا بعد الدفن عند القبر لأجل التعزية خوف أن يحدث حدث بالميت، فيسمعوه ويفزعوا من ذلك ويكرهوه، أو غير ذلك.
ثم إنه لا حد لها شرعا لاطلاق الأدلة، لكن قد يقال برجوع تحديدها إلى العرف، كما لو طالت المدة وانقضى المصاب بحيث يستنكر التعزية عليه، وربما اختلف باختلاف الميت جلالة وضعة ونحوهما، ولعله يومي إلى ذلك ما في الذكرى حيث قال: " ولا حد لزمانها عملا بالعموم، نعم لو أدت التعزية إلى تجديد حزن قد نسي كان تركها أولى " انتهى.