لخلو كثير من كلمات الأصحاب عن التعرض لذلك، ومن هنا لم أعثر على من ادعاه قبل سيد المدارك، ومن العجيب ما في الرياض حيث حكى معقد إجماعي الفاضلين على الوصفين المذكورين، وهما ليسا كذلك كما لا يخفى على من لاحظهما، وكذا التأمل في دعوى توقف مسمى الدفن عليه شرعا، لعدم ثبوت حقيقة شرعية فيه، بل ولا مجاز شرعي، وأضعف منه دعوى العرفي، ومنه يظهر لك أنه لا وجه للتمسك بتوقف البراءة اليقينية عليه، فيبقي أصالة البراءة حينئذ سالما عن المعارض.
وأما دعوى توقف مائدة الدفن عليه فمع أنه غير مطرد فيما لو دفن في مكان يؤمن عليه من السباع وظهور الرائحة لعدم الناس مثلا أو غير ذلك ولا تنحصر فوائده فيهما لا محصل لها بحيث ترجع إلى أحد الأدلة المعتبرة، فلذا كان الاجتزاء بمسمى الدفن مع الأمن من ذينك الأمرين من غير الحفيرة لا يخلو من قوة، إلا أن الأحوط الأول.
نعم لا يجتزى بما لا يصدق معه مسمى الدفن وإن حصل الفرضان السابقان، فلا يجزئ البناء عليه ولا وضعه في تابوت من صخر أو غيره مغطى أو مكشوف ولا غير ذلك، لكن (مع القدرة) على المواراة في الأرض كما صرح به غير واحد من الأصحاب، بل في المدارك أن ظاهرهم تعين الحفيرة مشعرا بدعوى الاجماع عليه، وعلله أيضا بأنه مخالف لما أمر به النبي (صلى الله عليه وآله) من الحفر، ولأنه (صلى الله عليه وآله) دفن ودفن كذلك، وهو عمل الصحابة والتابعين، أما لو دفن بالتابوت في الأرض جاز لكنه مكروه إجماعا كما عن الشيخ، نعم لو تعذر الحفر لصلابة الأرض أو كثرة الثلج ونحو ذلك أجزأ، بل وجب مواراته بنحو ذلك مراعيا للوصفين بحسب الامكان بناء على اعتبارهما، واحتمال الاشكال في وجوبه بعد فرض عدم صدق مسمى الدفن عليه لعدم الدليل على الانتقال منه بعد تعذره إليه مدفوع - بعد إمكان دعوى الاجماع عليه - بما يظهر للمتأمل في الأدلة وفي حكمة الدفن ومراعاة حرمة المؤمن، وفيما ورد (1) من التغسيل والالقاء