والمكروهات مع عدم القول بالاحتياط العقلي بحثا ليس هذا محل ذكره، فتأمل.
ثم إنه قد استثنى في جامع المقاصد من كراهة التجصيص والتجديد قبور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) كالمدارك قالا: " لاطباق السلف والخلف على فعل ذلك بها " بل في المدارك ولاستفاضة الروايات بالترغيب في ذلك، كما أنه فيها أيضا لا يبعد استثناء قبور العلماء والصلحاء استضعافا لخبر المنع، والتفاتا إلى تعظيم الشعائر، ولكثير من المصالح الدينية.
قلت: قد يقال: إن قبور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لا تندرج في تلك الاطلاقات حتى تحتاج إلى استثناء، كما هو واضح، وأيضا فاللائق استثناؤها من كراهة البناء على القبور كما في الذكرى وغيرها والمقام عندها لا التجصيص والتجديد، اللهم أن يراد منهما ذلك، إذ لا إطباق من الناس عليهما، ولا استفاضة للأخبار فيهما، ولا مصالح دنيوية ولا أخروية في كل منهما، لحصول الغرض والمراد بمعرفة مكان القبر ثم اتخاذ قبة ونحوها، فيبقى معروفا لمن أراد الزيارة والتوسل والدعاء وغير ذلك، وهذا الذي قد أطبقت الناس عليه، وكان معروفا حتى في زمان الأئمة (عليهم السلام) كما في قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وغيره، وهو المراد بعمارة القبر في خبر عمار البناني (1) عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) " يا أبا الحسن إن الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإن الله تعالى جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحن إليكم، ويحمل المذلة والأذى فيكم، ويعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله تعالى ومودة منهم لرسوله، يا علي أولئك المخصوصون بشفاعتي الواردون