ولا تكبوه لوجهه، ولا تلقوه لظهره " وما رواه العلاء بن سيابة (1) في حديث القتيل الذي أتي برأسه " إذا أنت صرت إلى القبر تناولته مع الجسد، وأدخلته اللحد، ووجهته للقبلة " وبما أرسله الصدوق في هدايته عن الصادق (عليه السلام) (2) أنه قال:
" إذا وضعت الميت في لحده فضعه على يمينه مستقبل القبلة " إلى آخره. وبفحوى ما تسمعه في كيفية دفن الذمية الحامل من المسلم، وبالرضوي (3) " ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة " وبأنه أولى من حال الاحتضار الذي قد مر وجوبه، وباشتداد حاجته في هذا الحال إلى كل ما يرجى فيه صلاح ونفع له أشد من غيره من الأحوال.
هذا كله والمسألة بعده لا تخلو من شوب الاشكال، خصوصا بالنسبة إلى وجوب الحكم الأول، كما أنه يشكل بعد القول بالوجوب تعدية ذلك إلى الأجزاء المفرقة غير الرأس بحيث يراعى فيها حال الاتصال، وإن كان قد يقال: إنه قضية عدم ترك الميسور بالمعسور، نعم قد يقوى وجوب الاستقبال بالرأس كما عساه يشعر به خبر ابن سيابة، وأنه الجزء المهم في الاستقبال، وكذا الجسد المبان منه الرأس، بل لو لم يبق إلا الصدر فإنه يجب الاستقبال بالجميع، كما هو واضح، وكذا يجب جمع الأجزاء مع التمكن بحيث يلتئم منه شخص مستقبل به، فتأمل جيدا.
وكيف كان فقد استثنى المصنف من الحكم المذكور - فقال: (إلا أن يكون امرأة غير مسلمة) ذمية كانت أولا (حاملا من مسلم) ولو بزناء ونحوه، سبق إسلامه على الحمل أو تأخر، كأن أسلم عليها وهي حامل، (فيستدبر بها القبلة) حينئذ - استثناء انقطاع لعدم دخول المستثنى منه، إذ لا يجب الاستقبال في حال الدفن لغير أهل القبلة، نعم لا بأس باستثناء ذلك حقيقة من حرمة دفن غير المسلمين في مقابر المسلمين