ثم إن قضية ما تقدم من الأدلة على المختار عدم الفرق بين كون الميت صغيرا أو كبيرا حرا أو عبدا بعد فرض الاسلام أو حكمه، نعم قد يقال: بعدم وجوبه بالنسبة إلى المخالف وإن قلنا باسلامه، لما ورد من الالزام (1) له بمذهبه، وهو لا يرى ذلك على إشكال في شمولها لمثل ذلك وإن صرح به بعضهم، ومن المعلوم أن وجوب الاستقبال بالميت إنما هو مع التمكن من ذلك بتعرف القبلة، أما مع الاشتباه ولو إلى جهتين مع جهل المغرب والمشرق فلا يجب لعدم التمكن من الامتثال، أما لو علما فيحتمل قويا وجوب استقبال ما بينهما لما دل (2) على أنه قبلة، وما في الذكرى من احتمال الوجوب بالنسبة للأربع جهات فضلا عن الجهتين ضعيف جدا إن أمكن تصوره.
وكيف كان فكيفية الاستقبال المذكور بلا خلاف أجده فيه بيننا كما في الذخيرة بل في المعتبر والتذكرة والخلاف الاجماع عليه (بأن يلقى على ظهره ويجعل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة) بحيث لو جلس لكان مستقبلا، مع ما سمعت من دلالة الأخبار المتقدمة عليه، مضافا إلى ما في خبر زريح المحاربي (3) عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال: " إذا وجهت الميت إلى القبلة فاستقبل بوجهه القبلة، ولا تجعله معترضا كما يجعل الناس " الحديث. وغيره من الأخبار الواردة هنا (4) وفي كيفية استقباله عند الغسل أيضا (5) لما عرفت من التشبيه المتقدم.
ثم إن قضية النص والفتوى والأصل سقوط الاستقبال مع عدم التمكن من الكيفية الخاصة، ويحتمل القول بوجوب ما تمكن منه من الاستقبال جالسا أو مضطجعا على أحد