كما عن أهل اللغة النص عليه، والأمر بالتغطية تجاه القبلة لا يقتضي وجوب التوجه إليها، لأن التغطية ليست بواجبة بالاجماع، فلا يجب التوجيه الذي قيدت به، مع أن تغطية الميت إنما تكون بعد الموت، والمراد توجيهه إلى القبلة قبل ذلك، إذ الظاهر أن المراد بالتسجية هنا تجاه القبلة كناية عن التوجه إليها لما عرفت، وليست بمعنى التغطية، لأن استحباب التغطية مطلق وليس مقيدا بالاستقبال إجماعا كما قيل، ولأن قوله (عليه السلام):
(وكذلك إذا غسل) كالصريح في أن الحكم السابق هو التوجيه دون التغطية.
ثم إن أوجبنا دوام الاستقبال بهذا الوجه كما يقتضيه ظاهر الرواية فلا إشكال في التشبيه، وإلا وجب الحمل على التسوية بينهما في أصل التوجيه وإن اختلف الوجه فيهما بالوجوب والاستحباب، وبذلك كله ظهر لك ضعف القول بالاستحباب كما عساه يشعر به ما ستسمعه من قول المصنف: " وقيل هو مستحب " سيما مع موافقته للمنقول عن عامة العامة أو جمهورهم، وإن ذهب إليه الشيخ في الخلاف والنهاية في موضع منها، وتبعه في إشارة السبق والجامع والمعتبر والمدارك وكشف اللثام وظاهر مجمع البرهان والذخيرة أو صريحهما وكذا المبسوط، وحكاه في كشف اللثام عن الاقتصاد والمصباح ومختصره وعمن حكاه عن السيد، وفي المختلف عن المفيد في الرسالة العزية، إذ لم نعثر لهم على دليل سوى الأصل وما في الخلاف، فإنه بعد أن ذكر الاستحباب وكيفية الاستقبال ونقل عن الشافعي خلاف ذلك بالنسبة إلى الكيفية قال: " دليلنا إجماع الفرقة وعملهم عليه، فإنهم لا يختلفون في ذلك " انتهى. مع ما سمعت من المناقشة في أدلة الوجوب وعدم نهوضها على أزيد من الاستحباب وما يظهر مما رواه المفيد (1) في إرشاده في وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) حيث أخر التوجيه عن الموت، قال (صلى الله عليه وآله) في وصيته لعلي (عليه السلام) عند استحضاره: " فإذا فاضت نفسي