وأما الثالث: فلأنه لا يدل إلا على علية المشي في الأرض اليابسة لانتفاء البأس مطلقا، ولازمها عدم انتفائه كذلك مع عدم المشي، وهو يتحقق مع ثبوته في الجملة، كما في صورة بقاء رطوبة الرجل الملوثة للمسجد.
وتدل عليه أيضا: عمومات حضور المساجد في الجمعة والجماعات، الشاملة لصاحب السلس والجروح والشقاق الدامية، فتعارض مع عمومات حرمة إدخال النجاسة لو وجدت بالعموم من وجه، فيرجع في محل التعارض إلى الأصل، ويسري إلى غيره من النجاسات الغير المتعدية بعدم الفصل.
دليل القائل بالتعميم: النهي والأمر في الآية والرواية عن تقريب النجاسة (1) وتجنيبها المسجد، والأول صادق عرفا على إدخالها كيف كان، والثاني لا يتحقق كذلك إلا بإخراجها عنه، ولا يقال لمن أدخلها ولو بمصاحبتها: إنه جنبها، واستناد المنع في الآية إلى معرضية الكفار للتلويث مكابرة. ومرسلة العلاء (2).
وقد عرفت عدم دلالة شئ منها، فلا حظر في إدخال غير المتعدية من غير فرق بين المماسة وغيرها.
وممن عاصرناه من فصل بينهما (3)، فحرم إدخال الأولى - وإن لم تتعد - دون الثانية. ونظره إلى صدق القرب وعدم صدق التجنب مع المماسة.
وهو ضعيف جدا، لأن المناط في صدق الألفاظ: العرف، وهو لا يفرق هاهنا بين المماسة وغيرها، فلو تم ما ينهى عن القرب وما يأمر بالتجنب، لدل على حرمة الأعم من المماسة.
ثم ما تجب إزالته هل يختص وجوبها بأرض المسجد؟ أو يسري إلى جداره