الاسم مجازا أولى من مخالفة الاجماع إذ لا خلاف أنه لو ماتت الحائض لم تكن عاصية فكيف تؤمر بما تعصي به لو فعلته وليس الحيض كالحدث، فإن إزالته تمكن، فإن قيل فلم تنوي قضاء رمضان؟ قلنا: إن عينت بذلك أنها تنوي قضاء ما منع الحيض من وجوبه فهو كذلك، وإن عنيت أنه قضاء لما وجب عليها في حالة الحيض فهو خطأ ومحال، فإن قيل:
فلينو البالغ القضاء لما فات في حالة الصغر، قلنا: لو أمر بذلك لنواه ولكن لم يجعل فوات الايجاب بالصبا سببا لايجاب فرض مبتدأ بعد البلوغ، كيف والمجاز إنما يحسن بالاشتهار، وقد اشتهر ذلك في الحيض دون الصبا، ولعل سبب اختصاص اشتهاره أن الصبا يمنع أصل التكليف، والحائض مكلفة فهي بصدد الايجاب الحالة الثالثة: حالة المريض والمسافر إذا لم يجب عليهما، لكنهما إن صاما وقع عن الفرض، فهذا يحتمل أن يقال أنه مجاز أيضا، إذ لا وجوب، ويحتمل أن يقال: إنه حقيقة، إذ فعله في الوقت لصح منه، فإذا أخل بالفعل مع صحته فعله فهو شبيه بمن وجب عليه وتركه سهوا أو عمدا أو نقول: قال الله تعالى: * (فعدة من أيام أخر) * (البقرة: 481 - 581) فهو على سبيل التخيير، فكان الواجب أحدهما لا بعينه، إلا أن هذا البدل لا يمكن إلا بعد فوات الأول، والأول سابق بالزمان فسمي قضاء لتعلقه بفواته، بخلاف العتق والصيام في الكفارة إذ لا يتعلق أحدهما بفوات الآخر، ولكن يلزم على هذا أن تسمى الصلاة في آخر الوقت قضاء، لأنه مخير بين التقديم والتأخير، كالمسافر، والأظهر أن تسمية صوم المسافر قضاء مجاز، أو القضاء اسم مشترك بين ما فات أداؤه الواجب وبين ما خرج عن وقته المشهور المعروف به، ولرمضان خصوص نسبة إلى الصوم ليس ذلك لسواه، بدليل أن الصبي المسافر لو بلغ بعد رمضان لا يلزمه، ولو بلغ في آخر وقت الصلاة لزمته فإخراجه عن مظنة أدائه في حق العموم يوهم كونه قضاء، والذي يقتضيه التحقيق أنه ليس بقضاء، فإن قيل: فالنائم والناسي يقضيان ولا خطاب عليهما، لأنهما لا يكلفان؟ قلنا: هما منسوبان إلى الغفلة والتقصير، ولكن الله تعالى عفا عنهما وحط عنهما المأثم بخلاف الحائض والمسافر، ولذلك يجب عليهما الامساك بقية النهار تشبها بالصائمين دون الحائض، ثم في المسافر مذهبان ضعيفان: أحدهما: مذهب أصحاب الظاهر، أن المسافر لا يصح صومه في السفر، لقوله تعالى: * (فعدة من أيام أخر) * (البقرة: 481 - 581) فلم يأمره إلا بأيام أخر، وهو فاسد، لان سياق الكلام يفهمنا إضمار الافطار، ومعناه: من كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر، كقوله تعالى:
* (فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه) * (البقرة: 06)، يعني فضرب فانفجرت، ولان أصحاب رسول الله (ص) في السفر كانوا يصومون ويفطرون ولا يعترض بعضهم على بعض. والثاني: مذهب الكرخي أن الواجب أيام أخر، ولكن لو صام رمضان صح، وكان معجلا للواجب كمن قدم الزكاة على الحول وهو فاسد لان الآية لا تفهم إلا الرخصة في التأخير وتوسيع الوقت عليه، والمؤدي في أول الوقت الموسع غير معجل بل هو