قدره وخسة رتبته وخفي خلاف أكابر الصحابة والتابعين؟ هذا مما لا يتسع له عقل أصلا.
السؤال الثاني: قالوا قد استدللتم بالخبر على الاجماع، ثم استدللتم بالاجماع على صحة الخبر، فهب أنهم أجمعوا على الصحة، فما الدليل على أن ما أجمعوا على صحته فهو صحيح وهل النزاع إلا فيه؟ قلنا: لا، بل استدللنا على الاجماع بالخبر، وعلى صحة الخبر بخلو الاعصار عن المدافعة والمخالفة له، مع أن العادة تقتضي إنكار إثبات أصل قاطع يحكم به على القواطع بخبر غير معلوم الصحة، فعلمنا بالعادة كون الخبر مقطوعا به، لا بالاجماع، والعادة أصل يستفاد منها معارف، فإن بها يعلم بطلان دعوى معارضة القرآن واندراسها، وبها يعلم بطلان دعوى نص الإمامة، وإيجاب صلاة الضحى وصوم شوال، وإن ذلك لو كان لاستحال في العادة السكوت عنه. السؤال الثالث: قالوا: بم تنكرون على من يقول: لعلهم أثبتوا الاجماع، لا بهذه الاخبار، بل بدليل آخر، قلنا: قد ظهر منهم الاحتجاج بهذه الاخبار في المنع من مخالفة الجماعة وتهديد من يفارق الجماعة ويخالفها، وهذا أولى من أن يقال: لو كان لهم فيه مستند لظهر وانتشر، فإنه قد نقل تمسكهم أيضا بالآيات. السؤال الرابع:
قولهم: لما علمت الصحابة صحة هذه الأخبار لم لم يذكروا طريق صحتها للتابعين، حتى كان ينقطع الارتياب ويشاركونهم في العلم؟ قلنا: لانهم علموا تعريفه عليه السلام عصمة هذه الأمة بمجموع قرائن وأمارات وتكريرات ألفاظ وأسباب دلت ضرورة على قصده إلى بيان نفي الخطأ عن هذه الأمة، وتلك القرائن لا تدخل تحت الحكاية ولا تحيط بها العبارات، ولو حكوها لتطرق إلى آحادها احتمالات، فاكتفوا بعلم التابعين بأن الخبر المشكوك فيه لا يثبت به أصل مقطوع به، ويقع التسليم في العادة به، فكانت العادة في حق التابعين أقوى من الحكاية.
المقام الثاني: في التأويل ولهم تأويلات ثلاثة: الأول: قوله (ص):
لا تجتمع أمتي على ضلالة ينبئ عن الكفر والبدعة فلعله أراد عصمة جميعهم عن الكفر بالتأويل والشبهة، وقوله: على الخطأ لم يتواتر وإن صح، فالخطأ عام يمكن حمله على الكفر؟ قلنا: الضلال في وضع اللسان لا يناسب الكفر، قال الله تعالى: * (ووجدك ضالا فهدى) * (الضحى: 7) وقال تعالى إخبارا عن موسى عليه السلام: * (فعلتها إذا وأنا من الضالين) * (الشعراء: 02) وما أراد من الكافرين، بل أراد من المخطئين، يقال: ضل فلان عن الطريق، وضل سعي فلان، كل ذلك الخطأ، كيف وقد فهم ضرورة من هذه الألفاظ تعظيم شأن هذه الأمة وتخصيصها بهذه الفضيلة، أما العصمة عن الكفر فقد أنعم بها في حق علي وابن مسعود وأبي وزيد على مذهب النظام، لانهم ماتوا على الحق، وكم من آحاد عصموا عن الكفر حتى ماتوا، فأي خاصية للأمة، فدل أنه أراد ما لم يعصم عنه الآحاد من سهو وخطأ وكذب ويعصم عنه الأمة تنزيلا لجميع الأمة منزلة النبي (ص) في العصمة عن الخطأ في الدين، أما في غير الدين من إنشاء حرب وصلح وعمارة بلدة فالعموم يقتضي العصمة للأمة عنه أيضا، ولكن ذلك مشكوك فيه، وأمر الدين مقطوع بوجوب العصمة فيه، كما في حق النبي (ص)، فإنه أخطأ في أمر تأبير النخل ثم قال: أنتم