عنها دون من خرج عنها، وانتقل إلى غيرها من الصحابة؟ أو تعتبر إجماع أهل المدينة ممن كانوا بعد الصحابة؟
فإن قال: اعتبر إجماعهم خاصة في زمن الصحابة، وبعدهم، ولا أعتد بخلاف من خالف (1) عليهم من الصحابة ممن خرج عنها، قال قولا قد أجمع المسلمون على خلافه، وقد ثبت عندهم بطلانه، لأنه إن كان كذلك، فواجب أن لا يجعل علي بن أبي طالب، و (عبد الله) (2) بن مسعود، وعمار بن ياسر، ونظراءهم، خلافا، وكفى بهذا (3) خزيا لمن بلغه.
فإن قال: إنما أعتبر إجماع أهل المدينة بعد الصحابة، لأن الصحابة كلهم أهل المدينة في الأصل.
قيل له: فإنما اعتبرت إجماعهم بعد الصحابة، لأنهم أخذوا عن الصحابة فهلا اعتبرت إجماع أهل الكوفة، لأنهم أخذوا عن الصحابة الذين انتقلوا إليهم من أهل المدينة؟!.
وأما قوله: إن سائر الناس لما أخذوا عنهم (وجب) (4) لزوم اتباعهم، كما لزم التابعين اتباع الصحابة، لأنهم أخذوا عنهم.
قيل له: فإن تابعي أهل الكوفة أخذوا عمن انتقل إليهم من أهل المدينة، فلا فرق بينهم وبين من أخذ عنهم أهل المدينة، فاعتبر إجماع أهل الكوفة مع أهل المدينة.
فإن قال: إنما أعتبر إجماع أهل المدينة، لأن النبي عليه السلام دعا لأهل المدينة ومدحهم فقال: (اللهم بارك لهم في صاعهم وفي مدهم) (5)، وقال: (من أرادهم بسوء أذابه الله كما يذوب الملح (6) في الماء)، (7) وقال: (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها)، (8) وقال: (إن المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد)، (9) فإذا كان