ألزمناه، وذلك لأنهم حين اختلفوا في المسألة على هذه الوجوه، فقد أجمعوا: على أن ما عداها (1) خطأ، سواء كانوا مصيبين في اختلافهم، أو بعضهم مصيبا، وبعضهم مخطئا، كما لو أجمعوا على قول واحد، كان ذلك إجماعا منهم، بأن ما عداه خطأ، وإن كان إجماعهم عليه من طريق الاجتهاد، فالإلزام صحيح على ما ذكرنا لمن قال: إن الحق في واحد، ولمن قال: إن كل مجتهد مصيب، ألا ترى أنهم: قد سوغوا الاجتهاد في ميراث الجد، واختلفوا فيه على وجوه قد عرفت، فأوجب بعضهم الشركة بينه وبين الأخ، وجعل بعضهم الجد أولى، فلو قال بعدهم قائل: إني أجعل المال للأخ دون الجلد، كان مخطئا في قوله، مخالفا لإجماعهم، ولو ساغ ما قال هذا السائل، لساغ مخالفة إجماعهم الواقع عن اجتهاد، لأنهم حين اجتهدوا في المسألة، فقد سوغوا الاجتهاد فيها، ولم يكن ذلك مبيحا لمن بعدهم مخالفتهم فيما أداه إليه اجتهادهم، كذلك إذا اختلفوا فيها على وجوه معلومة، وإن كان اختلافهم عن اجتهاد، فغير جائز لمن بعدهم الخروج عن أقاويلهم إذا كان إجماعهم: على أن لا قول في المسألة - إلا ما قالوه - مانعا من تسويغ الاجتهاد في الخروج عنه.
(٣٣٠)