من تقوم به الحجة في نقلها. (6) ولكان ذلك الواحد الباقي محكوما له باستواء الظاهر والباطن. ولوجب القطع على عينه بأنه حجة الله على الناس في الإجماع.
وهذا قول فاحش لا يرتكبه ذو بصيرة.
وأيضا: فإن النفر اليسير يجوز (أن يكون) (2) باطنهم خلاف ظاهرهم، وأن (لا) (3) يكونوا معتقدين للإيمان في الحقيقة. وجائز أيضا: أن لا يعتقدوا صحة ما يظهرونه من هذه المقالة التي يخالفون بها على الجماعة، ومن جاز ذلك عليه لا يجوز القطع على عينه: بأنه لا يقول إلا الحق، وأما الجماعة فإنا نعلم يقينا: أنها قد اشتملت على صدق فيما أخبرت:
أن منهم من باطنه كظاهره في صحة اعتقاده، وكما تعلم يقينا: أن في الأمة من هو كذلك، وإن لم يقطع به في واحد بعينه. وقد قال الله تبارك وتعالى: (واتبع سبيل من أناب إلي) (4) وقال تعالى: (ويتبع غير سبيل المؤمنين) (5) فوجب اتباع من علم الحق في حيزه وناحيته، دون من يجوز عليه الخطأ والضلال منهم.
قال أبو بكر: فهذا القول أظهر وأوضح دلالة مما حكيناه عن أبي الحسن: في إثبات خلاف الواحد على الجماعة.
فإن قال قائل: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) (6) وهذا يوجب جواز الاقتداء بالواحد منهم، وإن خالفته الجماعة.
قيل له: لا دلالة في هذا على ما ذكرت، لاتفاق الجميع: على أن الجماعة (7) إذا اختلفت، لم يجز لأحد من بعدهم تقليد الواحد منهم بلا نظر ولا استدلال، فصار شرط مساعدة الدليل لقوله مضمرا في قول النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان ذلك كذلك، وجب الرجوع إلى ما يوجبه الدليل، وقد أقمنا الدلالة: على أن الجماعة إذا قالت قولا وانفرد عنها الواحد والنفر