منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٤٤٥
بقاء الجعل ترتيب آثار المجعول عليه حتى يجري الاستصحاب في الجعل بهذا اللحاظ كما أفاده مد ظله في رد المحقق النائيني (قده) فهو غير ظاهر، لان ترتب الأثر على المجعول ملازم لبقاء الاعتبار والابراز، ومن المعلوم أن إبقاء نفس الابراز تعبدا بلحاظ ترتب آثار المجعول من الأصل المثبت.
نعم إذا أريد من استصحاب بقاء الجعل ترتيب أثر نفسه من صحة إسناد المضمون إلى الشارع دون ترتيب أثر المجعول مع فرض وجود الموضوع خارجا فهو وان كان سليما عن إشكال الاثبات، إلا أنه مساوق للتفكيك بين العلة ومعلولها، لوضوح وصول الحكم إلى مرتبة الفعلية بوجود موضوعه، ولا بد من ترتيب أثره عليه، فكيف يكتفي بترتيب أثر نفس الجعل دون المجعول؟ فلاحظ.
هذا بعض ما يتعلق بأصل دعوى تعارض استصحابي عدم الجعل و بقاء المجعول في مطلق الشبهات الحكمية. وأما ما استثناه في آخر كلامه من الاحكام الترخيصية لعدم جريان استصحاب عدم جعل الإباحة فيها (لكونها متيقنة في صدر الاسلام، والشريعة إنما تتكفل بيان الاحكام الالزامية فحسب، فلا معارض لاستصحاب المجعول) فيرد عليه أولا: أن الإباحة الشرعية التي تعد من الأحكام الخمسة تتوقف على جعل الشارع قطعا، ولا وجه لحصر المجعول في الاحكام الالزامية خاصة، ويشهد لما ذكرناه مثل قوله تعالى: (أحلت لكم بهيمة الأنعام) و (أحل لكم صيد البحر) ونحوهما مما يدل على جعلها تأسيسا.
وثانيا: أنه أخص من المدعى، فان الاستحباب والكراهة حكمان ترخيصيان متوقفان على جعل الشارع قطعا. ولازمه وقوع المعارضة بين استصحابي عدم الجعل وبقاء المجعول، فلاحظ.
وقد تحصل: أنه لا وجه لانكار الاستصحاب في الشبهات الحكمية الكلية بدعوى المعارضة المذكورة. نعم لانكاره فيها وجه آخر وهو عدم إحراز وحدة الموضوع لعلنا نذكره في الخاتمة.