منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٤٤٢
إذ اليقين بالجعل فاصل بين اليقين بعدم الجعل وزمان الشك، فالمشكوك فيه متصل بالمتيقن الثاني وهو وجود الجعل لا باليقين الأول وهو العدم، وهذا من نقض اليقين بالعدم باليقين بالوجود لا بالشك فيه، ولا مجال معه لاستصحاب عدم الجعل.
وهذا الاشكال أيضا وارد على مقالة الفاضل (قده) من تعارض بقاء المجعول وعدمه.
نعم لا يرد هذا الاشكال بناء على تقرير المعارضة بين استصحاب عدم تعلق الجعل واستصحاب بقاء المجعول، ضرورة كون المتيقن من المجعول - الناقض لعدم الجعل مستمرا - هو نجاسة الماء في ظرف التغير بأحد الأوصاف الثلاثة، فيستصحب، والمتيقن من عدم الجعل هو عدم نجاسة الماء مطلقا سواء زال تغيره أم لا، والمشكوك فيه هو انتقاض ذلك العدم المطلق بالوجود بسبب تشريع النجاسة لحال قبل زوال التغير، ومن المعلوم أنه لم يتخلل بين اليقين بعدم الجعل مطلقا والشك فيه إلا اليقين بوجود المجعول في ظرف التغير، وهذا اليقين بالمجعول غير فاصل بين اليقين بعدم الجعل المطلق والشك فيه، فأركان استصحاب عدم الجعل مجتمعة، وبجريانه يتحقق التعارض مع استصحاب بقاء المجعول.
وبعبارة أخرى: المتيقن هو عدم جعل النجاسة للماء المتغير في جميع حالاته أي سواء زال تغيره بنفسه أو بعلاج أم لا. وهذا اليقين إنما ينتقض باليقين بجعل النجاسة للماء المتغير في جميع الحالات، ولا ينتقض باليقين بجعل النجاسة في خصوص حال التغير، فيتصل حينئذ زمان المشكوك - أعني نجاسة الماء بعد زوال التغير - بزمان المتيقن وهو عدم جعل النجاسة في جميع حالات الماء.
ولعله لذا قرر بعض أعاظم العصر دام ظله إشكال المعارضة بين عدم الجعل وبقاء المجعول لا بين بقاء المجعول وعدمه كما يظهر من تمثيل الفاضل النراقي