منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٤٤٣
بوجوب الصوم والجلوس.
ثم تعرض دام ظله لبعض الاعتراضات والجواب عنها، وأهمها اثنان:
الأول: أن استصحاب عدم الجعل معارض بمثله في رتبته، فان استصحاب عدم جعل الحرمة معارض باستصحاب عدم جعل الإباحة، للعلم الاجمالي بجعل أحدهما في الشريعة المقدسة، ويبقى استصحاب بقاء المجعول أعني الحرمة بلا معارض. وأجاب عنه بوجوه ثلاثة، فراجع كلامه.
الثاني: ما أفاده المحقق النائيني (قده) من أن استصحاب عدم الجعل غير جار في نفسه، لعدم ترتب أثر عملي عليه، إذ الجعل هو الانشاء، والإطاعة والعصيان من آثار المجعول، فالعلم الوجداني بالجعل غير موضوع لحكم العقل بوجوب الامتثال فضلا عن إحرازه بالأصل، فلا أثر لاستصحاب عدم الجعل كي يعارض به استصحاب بقاء المجعول.
وأجاب عنه بترتب الأثر على الجعل، فان الأحكام الشرعية أمور اعتبارية قائمة بنفس المعتبر وهو المولى، وليست من سنخ الجواهر و الاعراض الخارجية، والاعتبار كما يتعلق بأمر حالي كذلك يتعلق بأمر استقبالي، ونظيره في الوضع الوصية التمليكية، فالحكم الانشائي يصير فعليا بوجود موضوعه ويترتب عليه الإطاعة والعصيان، و بتحقق الموضوع خارجا ينشأ الحكم، فلا تنجيز ولا تعذير.
وحيث انه يكفي في جريان الأصل موضوعية المستصحب للأثر في ظرف الشك وان لم يكن ذا أثر حال اليقين به، كما يترتب الأثر على المشروط بعد وجود شرطه كالصلاة بعد الزوال، فاستصحاب عدم بقاء الجعل يرفع الأثر حال وجود الموضوع، وبه يرتفع الاشكال.
أقول: ما أفاده في تقريب تعارض أصالتي عدم الجعل وبقاء المجعول يتوقف على تعدد الجعل والمجعول حقيقة حتى يفرض جريان الأصل في كل منهما، وكلامه المتقدم وإن كان صريحا في التعدد، إلا أنه ينافيه قوله في موضع آخر: (فليس