منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٤٤٤
جعل الحكم وإنشاؤه إلا عبارة عن اعتبار شئ على ذمة المكلف، و يتحقق المعتبر بمجرد الاعتبار، بل هما أمر واحد حقيقة، والفرق بينهما اعتباري كالايجاد والوجود).
وحيث إن الانشاء عنده هو إبراز الاعتبار النفساني وبه يتحقق المنشأ والمعتبر فيشكل الامر في موارد تخلف أحدهما عن الاخر كما في الواجب المشروط وبيع الفضولي، لتأخر المعتبر عن زمان الانشاء فيهما، وهذا لا يلتئم مع فرضهما كالايجاد والوجود المتحدين حقيقة والمتعددين باعتبار الاسناد إلى الفاعل والقابل.
وبعد تسليم اختلاف الجعل والمجعول حقيقة فالظاهر عدم جريان الاستصحاب في الجعل، لوضوح كون منشأ الشك في سعته وضيقه - بعد اليقين بانتقاض العدم الأزلي باليقين بالمجعول - هو الشك في سعة دائرة المجعول وضيقها، وباستصحاب بقائه لا يجري الاستصحاب في عدم الجعل حتى يعارض استصحاب المجعول، و ذلك لحكومة استصحاب المجعول عليه كحكومة سائر الأصول السببية على الأصول المسببية. وعليه ففي القليل المتنجس المتمم كرا يجري استصحاب النجاسة دون استصحاب عدم جعل النجاسة له، هذا.
مضافا إلى: ما عرفت في تقريب إيراد الشيخ الأعظم على الفاضل النراقي (قدهما) من أن العدم المطلق قد انتقض بالوجود قطعا، فلا يقين بالعدم حتى يستصحب.
ومع الغض عما ذكرنا، فان عمدة الاشكال عليه ما تقدم عن شيخ مشايخنا الميرزا النائيني (قده) من عدم ترتب الأثر على استصحاب عدم الجعل. وجوابه مد ظله عن الايراد غير سليم عن المناقشة، ضرورة أنه بعد الاعتراف بانفكاك الجعل عن المجعول - وأن أثر الجعل ليس إلا جواز إسناد المضمون إلى الشارع والافتاء على طبقه، وأثر المجعول المنوط بوجود الموضوع التنجز بالوصول - إن أريد باستصحاب بقاء الجعل التعبد ببقاء الانشاء أي اعتبار الحرمان أو اللابدية فهو معنى عدم النسخ، وهذا لا يتوقف على تحقق الموضوع خارجا كما هو واضح، لصحة إسناد الحكم الانشائي إلى الجاعل ما لم يعلم نسخه. وإن أريد باستصحاب