منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٢٩٧
الأدلة، إذ ظاهرها أن الشارع حكم بالنجاسة في شئ وبالطهارة في شئ آخر بما هو شارع، لا أنه أخبر عن حقيقة الأشياء بما هو من أهل الخبرة، حيث إن الامر بالاجتناب عن النجاسات يصير حينئذ إرشادا.
وثانيا: بأنه لو قلنا به في مثل البول والكلب ونحوهما من القذارات العرفية، لكن يشكل الالتزام به في نجاسة بدن الكافر، إذ كيف يمكن القول بأن الاسلام وإظهار الشهادتين مزيل لعرض خارجي عن بدنه. وأبعد منه الالتزام بهذا التبدل في مثل ولد الكافر بالتبعية، فيكون الحكم بنجاسته قبل إقرار والده بالشهادتين إخبارا عن قذارته الواقعية، والحكم بطهارته بعده إخبارا عن نظافته الواقعية، فإنه خلاف الوجدان.
وثالثا: بأنه لا يمكن القول بكون الحكم بالطهارة إخبارا عن النظافة الواقعية في الطهارة الظاهرية، إذ الحكم بطهارة الشئ المشكوك فيه الذي يحتمل أن يكون نجسا في الواقع لا يمكن أن يكون إخبارا عن النظافة الواقعية، ولا بد من القول بمجعولية الطهارة في مثله.
لكن يمكن استفادة معنى آخر من كلام الشيخ احتمله سيدنا الأستاذ (قده) في مجلس الدرس من: أن المراد بالكشف عن الامر الواقعي ليس هو الاخبار والحكاية، لعدم مناسبة ذلك لمقام الشارعية المقتضي لحمل الخطابات على كونه بصدد التشريع وإعمال سيادته، بل المقصود بالامر بالاجتناب الذي هو أمر مولوي الكشف عن ملاكه و هو القذارة الموجودة في الأشياء، بتقريب: أن عمدة ما استفيد منه نجاسة بعض الأشياء هو النصوص الامرة بالغسل كالأمر بغسل الثوب من أبوال ما لا يؤكل لحمه، وإلا فلفظ النجاسة لم يذكر في غالب الروايات وان ورد في تنجيس الخمر (ما على الميل من الخمر ينجس حبا من الماء) وكذا في تنجس الكر بالتغير، ويستكشف من الامر بالغسل كون النجاسة