منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٢٦٨
النظام كالملكية والزوجية والحرية والرقية والضمان والولاية و القضاوة ونحوها كلها من الموجودات في عالم الاعتبار الحاصلة بتباني العقلاء عليها.
وكذا الأحكام الشرعية، فإنها أمور اعتبارية سواء أكانت تأسيسية كما في الأحكام المتعلقة بالماهيات المخترعة من الصلاة والصيام و الحج ونحوها، أم إمضائية كما في كثير من الاعتباريات المتداولة بين العقلاء كالبيوع. وأما متعلقات الاحكام من الماهيات المخترعة فهي وان كانت مما اعتبرها الشارع وعين حدودها، إلا أن صدق الحكم الوضعي عليها لا يخلو من تعسف.
وأما الأمور الانتزاعية فحيث إنها اعتبارات متقومة بالتصور ليس لها ما يحاذيها في الخارج أو في وعاء الاعتبار فهي غير موجودة بالذات، وإنما يكون التقرر لمنشأ الانتزاع، ولذا تعد من الخارج المحمول، سواء انتزعت من الحقائق المتأصلة الخارجية كانتزاع عنوان العلية والمعلولية من ذات العلة والمعلول الخارجيتين، والفوقية المنتزعة من ذات السقف لا من عرض قائم به كما قيل.
أم من قيام عرض بمحل كالأبيضية المنتزعة عن الجدار الأبيض، وكذا من قيام المقولات بمحالها. أم من الأمور الاعتبارية كانتزاع السببية من العقد المملك في وعاء الاعتبار، لوضوح عدم ترتب الملكية تكوينا على الايجاب والقبول، وإنما هو بالجعل والاعتبار، و عليه فوجود الاعتبارات الانتزاعية بالعرض لا بالتبع.
وقد تحصل مما تقدم اختلاف الحكم الشرعي والامر الانتزاعي حقيقة، وعدم جامع بينهما، وأن عد بعض الأمور من الأحكام الوضعية مع كونها اعتبارات ذهنية محضة - لعدم تطرق الجعل إليها لا أصالة و لا تبعا - غير ظاهر. كما ظهرت المسامحة في عد بعض الوضعيات المستقلة في الجعل كالملكية والزوجية من الانتزاعيات.
إلا أن يوسع في المعنى الانتزاعي بشموله للموجودات الاعتبارية أيضا.
لكنك عرفت الاختلاف بين سنخي الوجودين، ولا ينبغي الخلط بينهما.