المرتبة على العنب المغلي، تكون فعلية من جهة عند تحقق العنب قبل الغليان، فتثبت للعنب حرمة فعلية قبل غليانه، أمكن على هذا استصحاب هذه الحرمة الفعلية من جهة لو شك في بقائها عند تبدل العنب إلى زبيب.
لكن هذا المعنى لا يعدو الفرض والخيال، إذ لا ثبوت للحكم أصلا وبوجه من الوجوه قبل ثبوت موضوعه بكامل أجزائه كما هو مقتضى مفاد الانشاء والجعل.
ودعوى: ان العنب قبل الغليان - مثلا - يتصف بالحرمة على تقدير غليانه، وهذا لا ثبوت له في غير العنب كالبرتقال. ومن الواضح ان هذه الحرمة التي يتصف بها ليست بالحرمة الفعلية المتأخرة عن الغليان ولا الانشائية، لأنها واردة على الموضوع الكلي فيكشف ذلك عن وجود أمر وسط بين الحرمة الانشائية والحرمة الفعلية التامة.
مندفعة: بان هذه الحرمة التقديرية التي يتصف بها العنب قبل غليانه لا حقيقة لها سوى الحرمة الفعلية الثابتة على تقدير الغليان التي يتعلق بها ادراك العقل من الآن، فالعقل فعلا يدرك تلك الحرمة، فيعبر عنها بالحرمة على تقدير الغليان، لا أنها ثابتة بثبوت فعلي من جهة كما يحاول ان يدعي، وقس ما ذكرناه في الأمور التكوينية فإنه لو فرض ان العنب على تقدير غليانه يكون مسكرا فقبل غليانه يوصف بأنه مسكر على تقدير الغليان.
وهل يتوهم أحد ان الاسكار ثابت من جهة تحقق أحد جزئي موضوعه؟، بل هذا التعبير لا يعبر إلا عن ادراك العقل لمرحلة فعلية الاسكار عند الغليان، فهو إشارة إلى ذلك الوصف الفعلي الثابت عند تحقق كلا جزئي موضوعه، بل لا مقتضي لان نقول بأنه معنى انتزاعي عقلي ثابت بالفعل، فليست الحرمة الفرضية والتقديرية أمرا وراء الحرمة الفعلية الثابتة في ظرفها، بل هي تعبير عنها وإشارة إليها، كما هو الحال في الأمور التكوينية التعليقية.