المطلوب أولا، مع العنوان الآخر المتحد معه في الوجود المخرج له عن المطلوبية الفعلية، فلو فرضنا عنوانين غير مجتمعين في الذهن، بحيث يكون المتعقل أحدهما لا مع الآخر، فلا يعقل تحقق الكسر والانكسار بين جهتيهما، فاللازم من ذلك أنه متى تصور العنوان الذي فيه جهة المطلوبية يكون مطلوبا صرفا، من دون تقييد، لعدم تعقل منافيه ومتى تصور العنوان الذي فيه جهة المبغوضية يكون مبغوضا كذلك، لعدم تعقل منافيه، كما هو المفروض. والعنوان المتعلق للأحكام الواقعية مع العنوان المتعلق للأحكام الظاهرية مما لا يجتمعان في الوجود الذهني ابدا (مثلا) إذا تصور الآمر صلاة الجمعة، فلا يمكن ان يتصور معها إلا الحالات التي يمكن ان يتصف بها في هذه الرتبة، مثل كونها في المسجد أو في الدار، وأمثال ذلك. واما اتصافها بكون حكمها الواقعي مشكوكا، فليس مما يتصور في هذه الرتبة، لان هذا الوصف مما يعرض الموضوع بعد تحقق الحكم، والأوصاف المتأخرة عن الحكم لا يمكن ادارجها في موضوعه. فلو فرضنا أن صلاة الجمعة - في كل حال أو وصف يتصور معها في هذه الرتبة - مطلوبة بلا مناف ومزاحم، فإرادة المريد تتعلق بها فعلا، وبعد تعلق الإرادة بها تتصف بأوصاف اخر لم تتصف بها قبل الحكم، مثل أن تصير معلومة الحكم تارة ومشكوكة الحكم أخرى. فلو فرضنا - بعد ملاحظة اتصاف الموضوع بكونه مشكوك الحكم - تحقق جهة المبغوضية فيه، يصير مبغوضا بهذه الملاحظة لا محالة، ولا تزاحمها جهة المطلوبية الملحوظة في ذاته، لان الموضوع بتلك الملاحظة لا يكون متعقلا فعلا، لان تلك الملاحظة ملاحظة ذات الموضوع مع قطع النظر عن الحكم، وهذه ملاحظته مع الحكم.
(فان قلت) العنوان المتأخر وان لم يكن متعقلا في مرتبة تعقل