قلت: هذا إنما يصح إذا اعتبر المشكوك في القاعدة بعد الفراغ عن مجموع العمل، بلحاظ الخلل في بعض ما اعتبر فيه. وأما إذا اعتبر نفس ما اعتبر فيه من القيد أو الجزء، كما في قوله (عليه السلام) (كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك..) فليس هناك شكان، حتى يكون أحدهما مسببا عن الآخر، بل علق الحكم في إحدى القاعدتين على الشك في الجزء أو القيد، بعد انقضاء المحل، وعلق في الأخرى عليه أيضا، بعد الفراغ عن مجموع العمل.
وأما تطبيق القاعدة على الشك في بعض أفعال الوضوء كما في الموثقة، فتصحيحه إما بما افاده شيخنا المرتضى قدس سره. وقد عرفت عدم ورود ما أورده عليه شيخنا الأستاذ دام بقاه، وإما بان يقال: إن المستفاد من الموثقة هو ان الشك في شئ من الوضوء بعد الوضوء لا يعتنى به، من جهة انه من افراد الشك في الشئ بعد التجاوز، ولا يستفاد منها ومن غيرها أن الشك في شئ من الوضوء قبل الفراغ عن أصل الوضوء يعتنى به، من جهة انه شك في الشئ قبل التجاوز، بل يمكن أن يكون الشك قبل تمام الوضوء، مع كونه من افراد الشك بعد المحل يعتنى به، لكون هذه القاعدة مختصة به إذ لا منافاة بين بقاء فرد من افراد الشك بعد المحل في باب الوضوء تحت القاعدة، وخروج الباقي.
وحينئذ نقول ذكر القاعدة في الموثقة إنما هو من جهة الاجراء على الفرد الباقي، لا أنها تدل على أن الشك في باب الوضوء داخل تحت القاعدة من دون تخصيص أصلا.
والحاصل أنه لم يظهر من الاخبار أن الاعتناء بالشك في جزء من
____________________
لغوية القاعدة الثانية، فإنه لو حكم على كل ما شك فيه - مما اعتبر في الصلاة قيدا وجزءا - بأنه لا اعتبار بالشك فيه بعد مضى محله، ولو لم يفرغ من الصلاة، فجعل الحكم له أيضا بعدم اعتبار شكه بعد الفراغ منها مما لا وجه له.