قال في تقريب ذلك: إن وجود الطبيعي وإن كان بوجود فرده، إلا أن وجوده في ضمن افراد متعددة ليس نحو وجود واحد له، بل وجود كل فرد منه نحو وجود له عقلا وعرفا، كما إذا شك أنه في الزمان الأول كان موجودا بوجود واحد أو وجودين، وفى ضمن فرد أو فردين، لم يكن الشك في نحو وجوده، بل الشك في وجوده بنحو آخر غير ما علم من نحو وجوده، فما علم من وجوده فقد علم ارتفاعه. وما شك فيه فقد شك في أصل حدوثه، فاختل أحد ركني الاستصحاب فيه على كل حال. ومنه يظهر الحال في القسم الثاني، بل الامر فيه أظهر. انتهى كلامه دام بقاه.
أقول: لو جعلت الطبيعة - باعتبار صرف الوجود، مع قطع النظر عن خصوصياته الشخصية - موضوعا للحكم، كما أوضحنا ذلك في مسألة اجتماع الأمر والنهي فلا اشكال في أن هذا المعنى لا يرتفع الا بانعدام تمام الوجودات الخاصة في زمن من الأزمنة اللاحقة، لأنه في مقابل العدم المطلق، ولا يصدق هذا العدم الا بعد انعدام الوجودات. وحينئذ لو شك في وجود الفرد الآخر مع ذلك الموجود المتيقن، واحتمل بقاؤه بعد ارتفاع الفرد المعلوم فمورد استصحاب الجامع. - بملاحظة صرف الوجود - متحقق، من دون اختلال أحد ركنيه، فان اليقين بصرف وجود الطبيعة غير قابل للانكار، وكذلك الشك في بقاء هذا المعنى، لان لازم الشك في كون فرد في الآن اللاحق الشك في تحقق صرف الوجود فيه، وهو على تقدير تحققه في نفس الامر بقاءا لا حدوثا لان هذا المعنى من الوجود في مقابل العدم المطلق، فحدوثه فيما إذا كان مسبوقا بالعدم المطلق. والمفروض انه ليس كذلك فعلى تقدير تحققه بقاءا فالشك فيه شك في البقاء، نعم لو أريد استصحاب وجود خاص فهو غير جائز، لأن المتقين سابقا مقطوع الارتفاع، والمشكوك لاحقا غير متيقن سابقا، فاختل أحد ركني الاستصحاب.
ومما ذكرنا يظهر حال القسم الآخر، وهو ما لو شك في وجود فرد آخر مقارنا لارتفاع الموجود من دون تفاوت أصلا.