محاضرات في أصول الفقه - آية الله العظمى الشيخ إسحاق الفياض - ج ١ - الصفحة ٢٥٢
ثم إن النزاع في هذه المسألة في وضع الهيئة وفي سعة مفهوم الاشتقاقي وضيقه من دون اختصاص لها بمادة دون مادة، فلا ينظر إلى أن المادة ذاتية أو عرضية وبزوالها تنتفي الذات أو لا تنتفي فإن كل ذلك لا دخل له في محل النزاع.
نعم، المادة إذا كانت ذاتية لا يعقل فيها بقاء الذات مع زوال التلبس، لكن الهيئة غير مختصة بها، بل تعم ما يعقل فيه بقاء الذات مع زوال التلبس، مثلا: المادة في الناطق ذاتية ولكن الهيئة لا يختص وضعها بها، بل يعم غيرها كالقائم ونحوه، وهكذا المادة في الحيوان فإنها ذاتية ولا يعقل بقاء الذات بدونها، إلا أن الهيئة غير مختصة بها، بل تعم غيرها أيضا كالعطشان ونحوه، وهكذا...
وعلى الجملة: فالنزاع هنا يختص بوضع الهيئة فقط، وأنها موضوعة لمعنى
____________________
فيها عن حكم الكبيرة.
هذا كله فيما إذا كانت الكبيرة مدخولا بها. وأما إذا لم تكن كذلك وأرضعت الصغيرة فهل يفسد نكاحهما معا أم لا؟ المعروف والمشهور هو الأول، مستدلا على ذلك: بأن فساد نكاح إحداهما دون الأخرى ترجيح من غير مرجح.
وفيه: أنه بناء على ما هو المشهور بينهم في المسألة الأولى من الحكم بحرمة المرضعة من جهة صدق عنوان أم الزوجة وأم النساء عليها فالقول بحرمة المرضعة هنا وفساد نكاحها متعين بعين الملاك المزبور فيها.
وأما الصغيرة فهي لا تحرم بلا إشكال، لفرض عدم الدخول بالكبيرة. وأما بطلان نكاحها فلا وجه له، لعدم صدق بنت الزوجة عليها (1)، بناء على ما هو الصحيح من ظهور المشتق في فعلية التلبس.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكروه: من أنه لا ترجيح لبطلان نكاح إحداهما دون الأخرى،

(١) وقال في الأجود في مقام الإيراد على الحكم ببطلان نكاح كليهما بمناط عدم إمكان الجمع بين الام والبنت في الزوجية في زمان واحد ولو بقاء مع عدم المرجح في البين ما هذا نصه:
(هذا يبتني على عدم إمكان الجمع بين الام والبنت في الزوجية ولو مع قطع النظر عن حرمة أم الزوجة مؤبدا، وإلا ففي بطلان زوجية البنت نظر واضح). أجود التقريرات: ج ١ ص ٥٤.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست