ومن هنا يتضح أن مرتبة علم الأصول فوق مرتبة سائر العلوم، ودون مرتبة علم الفقه، وحد وسط بينهما.
كما أنه يظهر أن مبحث المشتق، ومبحث الصحيح والأعم، وبعض مباحث العام والخاص - كمبحث وضع أداة العموم كلها - خارجة عن مسائل هذا العلم، لعدم توفر هذا الشرط فيها، إذ البحث في هذه المباحث عن وضع ألفاظ مفردة " مادة " كما في بعضها، و " هيئة " كما في بعضها الآخر. ومن الواضح جدا أنه لا تترتب آثار شرعية على وضعها فقط، مثلا: أي أثر شرعي يترتب على وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدأ بالفعل، أو للجامع بينه وبين المنقضي عنه المبدأ؟ وعلى وضع أسامي العبادات أو المعاملات لخصوص المعاني الصحيحة، أو للأعم منها ومن الفاسدة؟ وعلى وضع الأدوات للعموم - مثلا - من دون أن تنضم إليها مسألة أصولية؟
فالصحيح: هو أنها من المسائل اللغوية، ولكن حيث إنها لم تدون في علم اللغة دونت في الأصول.
ونتيجة ما ذكرناه: أن المسائل الأصولية يعتبر فيها أمران:
الأول: أن يكون وقوعها في طريق الحكم من باب الاستنباط، لا من باب الانطباق، وبها تتميز عن المسائل الفقهية.
الثاني: أن يكون وقوعها فيه بنفسها وبالاستقلال، من دون حاجة إلى ضم مسألة أخرى، وبها تتميز عن مسائل سائر العلوم.
شبهات ودفوع:
الشبهة الأولى: توهم أن مسألة اجتماع الأمر والنهي بناء على اعتبار الشرط الثاني تخرج عن مسائل هذا العلم، إذ على القول باستحالة الاجتماع وعدم إمكانه