في مفهوم المغرب وأن المراد به هو الاستتار أو ذهاب الحمرة: فعلى الأول كان الموضوع - وهو جزء النهار - منتفيا، وعلى الثاني هو كان باقيا، وبما أنا لم نحرز بقاء الموضوع فلم نحرز الاتحاد بين القضيتين، وبدونه لا يمكن جريان الاستصحاب.
وأما الثاني: وهو استصحاب بقاء الموضوع فلعدم الشك في انقلاب حادث زماني ليحكم ببقاء المتيقن، إذ مع قطع النظر عن وضع اللفظ وتردد مفهومه بين السعة والضيق ليس لنا شك في أمر خارجي، فإن استتار القرص عن الأفق حسي معلوم لنا بالعيان، وذهاب الحمرة غير متحقق كذلك، فماذا يكون هو المستصحب؟
وبعبارة واضحة: أن المعتبر في الاستصحاب أمران: اليقين السابق، والشك اللاحق مع اتحاد المتعلق فيهما، وهذا غير متحقق في الشبهات المفهومية، فإن كلا من الاستتار وعدم ذهاب الحمرة متيقن، فلا شك، وإنما الشك في بقاء الحكم، وفي وضع اللفظ لمعنى وسيع أو ضيق، وقد عرفت أن الاستصحاب بالنسبة إلى الحكم غير جار، لعدم إحراز بقاء الموضوع، وأما بالإضافة إلى وضع اللفظ فقد تقدم: أنه لا أصل يكون مرجعا في تعيين السعة أو الضيق.
وما نحن فيه من هذا القبيل بعينه، فإن الشبهة فيه مفهومية والموضوع له مردد بين خصوص المتلبس أو الأعم منه ومن المنقضي فالاستصحاب لا يجري في الحكم، لعدم إحراز اتحاد القضية المتيقنة مع المشكوكة، وقد مر أن الاتحاد مما لا بد منه في جريان الاستصحاب.
مثلا: العالم بما له من المعنى موضوع للحكم، وحيث إنه مردد بين أمرين:
المتلبس بالمبدأ والأعم فالتمسك باستصحاب بقاء الحكم غير ممكن، للشك في بقاء موضوعه.
وكذلك لا يجري الاستصحاب بالنسبة إلى الموضوع، لعدم الشك في شئ خارجا، مع قطع النظر عن وضع المشتق وتردد مفهومه بين الأعم والأخص.