مفهوم الخاص مهما كان لا يحكي بما هو خاص عن مفهوم عام أو عن خاص آخر، ضرورة أن تصور مفهوم الخاص بما هو تصور نفسه وإراءة شخصه، فيستحيل أن يكون تصورا لغيره بوجه، بل لحاظ كل مفهوم لحاظ نفسه، وهو هو، لا هو وغيره.
وعلى الجملة: أن الخاص بما هو لا يكون وجها وعنوانا للعام ليكون تصوره تصورا له بوجه، وهذا بخلاف مفهوم العام: كمفهوم الشخص والفرد والمصداق، فإنه وجه وعنوان للأفراد والمصاديق ولحاظه لحاظا لها بوجه. ومن هنا قلنا بإمكان الوضع العام والموضوع له الخاص. وأما الخاص فلما لم يكن كذلك فلا يمكن الوضع الخاص والموضوع له العام.
وقد يتوهم إمكان ذلك - أي: الوضع الخاص والموضوع له العام - فيما إذا رأى شبحا من بعيد وتيقن أنه حيوان، ولكن لم يعلم أنه من أي نوع من أنواعه، أو أي صنف من أصنافه، فإن له - حينئذ - أن يتصور ذلك الشبح الذي هو جزئي حقيقي، ويضع اللفظ بإزاء معنى كلي منطبق عليه وعلى غيره من الأفراد. فهذا من الوضع الخاص والموضوع له العام.
إلا أنه توهم فاسد، وذلك لأنه قد يتصور ذلك الشبح بعنوان أنه جزئي ومعنى خاص فيضع اللفظ بإزاء واقعه - الشبح - وقد يتصور ذلك بعنوان الكلي المنطبق عليه وعلى غيره، فيضع اللفظ بإزاء معنونه ولا ثالث له، فهو على الأول من الوضع الخاص والموضوع له الخاص، وعلى الثاني من الوضع العام والموضوع له العام أو الخاص كما لا يخفى.
فالنتيجة على ضوء ما ذكرناه لحد الآن: هي أن الممكن من أقسام الوضع ثلاثة، وهي: الوضع العام والموضوع له العام، والوضع الخاص والموضوع له الخاص، والوضع العام والموضوع له الخاص. وأما القسم الرابع منها وهو: الوضع الخاص والموضوع له العام فقد عرفت أنه غير ممكن.