النقطة الأولى: أن المعنى الحرفي على ذلك الرأي مستقل بالذات. وأما على رأينا: فهو غير مستقل بالذات.
النقطة الثانية: أن المعنى الحرفي على ذلك الرأي سنخ معنى يخص الجواهر والأعراض، ولا يعم غيرهما. وأما على رأينا: فهو سنخ معنى يعم الجميع. هذا تمام الكلام في القسم الأول من الحروف.
وأما القسم الثاني من الحروف: وهو ما يدخل على المركبات التامة، أو ما في حكمها - كمدخول حرف النداء، فإنه وإن كان مفردا إلا أنه يفيد فائدة تامة - فحاله حال الجمل الإنشائية.
بيان ذلك: أن الجمل على قسمين: أحدهما: إنشائية، والثاني: خبرية، والمشهور بينهم: أن الأولى موضوعة لإيجاد المعنى في الخارج، ومن هنا فسروا الإنشاء بإيجاد ما لم يوجد. والثانية موضوعة للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها عنه.
والصحيح - على ما سيأتي بيانه - أن الجملة الإنشائية (1) وضعت للدلالة على قصد المتكلم إبراز أمر نفساني غير قصد الحكاية عند إرادة تفهيمه. والجملة الخبرية (2) موضوعة للدلالة على قصد المتكلم الحكاية عن الواقع ثبوتا أو نفيا.
توضيح ذلك: أن هذا القسم من الحروف كالجملة الإنشائية، بمعنى: أنه وضع للدلالة على قصد المتكلم إبراز أمر نفساني غير قصد الحكاية عند قصد تفهيمه، فحروف النداء ك " يا " - مثلا - وضعت لإبراز قصد النداء وتوجيه المخاطب إليه، وحروف الاستفهام موضوعة لإبراز طلب الفهم، وحروف التمني موضوعة لإبراز التمني، وحروف الترجي موضوعة لإبراز الترجي، وكذا حروف التشبيه ونحوها.
وبتعبير آخر: أن وضع هذا القسم من الحروف لذلك المعنى أيضا من نتائج