والضيق ولم يعلم أنه موضوع للمعنى الموسع أو المضيق: كلفظ " العمى " - مثلا - لو تردد مفهومه عرفا ودار بين أن يكون مطلق عدم الإبصار ولو من جهة أنه لا عين له: كبعض أقسام " الحيوانات "، وبين خصوص عدم الإبصار مع وجود عين له ومع شأنية الإبصار ولم يثبت أنه موضوع للثاني لم يمكن إثبات أنه وضع للمعنى الثاني بصحة السلب، وذلك لأنه: إن أريد بصحة السلب صحة سلب العمى عما لا عين له بالمعنى المطلق فهو غير صحيح، بداهة صحة حمله عليه بهذا المعنى. وإن أريد بها صحة سلبه عنه بالمعنى الثاني " عدم الإبصار مع شأنيته " فهو وإن كان صحيحا إلا أنه لا يثبت أن العمى لم يوضع للأعم، لأن سلب الأخص لا يلازم سلب الأعم، وقد ثبت في " المنطق ": أن نقيض الأخص أعم من نقيض الأعم، فسلب الأول حيث أنه أعم لا يستلزم سلب الثاني.
إلا أن ذلك لا يتم في محل كلامنا، وذلك لما تقدم: من أن المتبادر عرفا من المشتق خصوص المتلبس بالمبدأ فعلا، وهو آية الحقيقة. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: إذا صح سلب المشتق بماله من المفهوم العرفي عن المنقضي عنه المبدأ فهو كاشف عن عدم وضعه للجامع، وإلا لم يصح سلبه عن مصداقه وفرده في حين من الأحيان، فإذا صح سلب المشتق بمفهومه العرفي عمن انقضى عنه المبدأ ثبت أنه موضوع للمتلبس.
نعم، مع قطع النظر عن التبادر لا يمكن إثبات أن المشتق موضوع للمتلبس بصحة سلبه عن المنقضي كما عرفت (1).
الثالث: لا ريب في تضاد مبادئ المشتقات عرفا بمالها من المعاني الثابتة في الأذهان المرتكزة في النفوس: كالقيام والقعود، والحركة والسكون، والسواد والبياض، والعلم والجهل وما شاكلها، ضرورة أن اثنين منها لا يجتمعان في الصدق في آن واحد، وعليه فطبعا تكون العناوين الاشتقاقية المنتزعة عن اتصاف