وأما الدعوى الثانية: فيردها الوجوه المتقدمة (1) جميعا، واليك ملخصها:
1 - إن هذا الفرق ليس فارقا بين المشتق ومبدئه، بل هو بين المصدر واسمه.
2 - إن وجود العرض مباين لوجود الجوهر ذاتا، فلا يمكن الاتحاد بينهما باعتبار اللابشرط.
3 - إن هذا لو تم فإنما يتم فيما إذا كان المبدأ من الأعراض المقولية دون غيرها.
4 - إنا لو سلمنا أنه تم حتى فيما إذا كان المبدأ أمرا اعتباريا أو انتزاعيا، إلا أنه لا يتم في مثل: اسم الآلة والزمان والمكان وما شاكل ذلك.
ما هي النسبة بين المبدأ والذات؟
المبدأ قد يكون مغايرا للذات كما في قولنا: " زيد ضارب " مثلا، واخرى يكون عين الذات كما في الصفات العليا له تعالى فيقال: " الله قادر وعالم ".
لا إشكال في صحة إطلاق المشتق وجريه على الذات على الأول، وإنما الكلام في الثاني، وأنه يصح إطلاقه على الذات أم لا؟ فيقع الإشكال فيه من جهتين:
الأولى: اعتبار التغاير بين المبدأ والذات، ولا يتم هذا في صفاته تعالى الجارية عليه، لأن المبدأ فيها متحد مع الذات، بل هو عينها خارجا، ومن هنا التزم صاحب الفصول (2) (قدس سره) بالنقل في صفاته تعالى عن معانيها اللغوية.
الثانية: اعتبار تلبس الذات بالمبدأ وقيامه بها بنحو من أنحاء القيام، وهذا بنفسه يقتضي التعدد والاثنينية، ولا اثنينية بين صفاته تعالى وذاته، بل فرض العينية بينهما يستلزم قيام الشئ بنفسه، وهو محال.